عبد الإله حفظي، الباطرون النقابي إذا عرف السبب بطل العجب
يبدو ان الحكامة الجيدة في التدبير لم تجد طريقها بعد إلى المؤسسات المنتخبة، كما يبدو ان اعتماد مبدأ الكفاءة في التعيينات بمناصب المسؤولية مقرونا بتكافؤ الفرص هو مجرد شعار يرفع مع مطلع هلال الانتخابات ثم يختفي بمجرد أفوله، لتضل حليمة على عادتها القديمة. فحين نقف على ممارسة بعض المسؤولين حقهم في التعيين، نجد أن مقاربة الصداقة والمصاهرة والمصالح المتبادلة…هي السائدة دوما ضدا على كل الأعراف والمبادئ وحتى الانتماءات السياسبة والنقابية، والأمر تجاوز حب الكراسي وحمل الصفات إلى عدوى أصيب بها بعض مسؤولينا شفاهم الله وعافانا مما ابتلاهم به.
لقد خلق موضوع تعيين، رئيس فيدرالية النقل عبد الإله حفظي عضو فريق الاتحاد العام لمقاولات المغرب بمجلس المستشارين، عضوا بالمجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي استغرابا كبيرا داخل أوساط المتابعين للشأن العام نظرا للطريقة الغريبة التي تم بها، حيث جمع بين عضويتي الباطرونا والنقابة في سابقة لم يعرف لها مثيل من قبل، والغريب أيضا أن الموضوع مر على نقابيي الاتحاد العام للشغالين الذراع العمالي لحزب الاستقلال المعروف بشراسته في الدفاع عن الطبقة العاملة في مواجهة الباطرونا، وهذا واحد من كثير أمثلة على الاختلالات التي بسببها لا تؤتي المؤسسات المعينة أكلها للأسف.
ولا غرابة إن علمنا طريقة هذا التعيين وأسباب نزول حفظي بداخل ملعب الاتحاد العام للشغالين بالمغرب، ليصبح نقابيا وباطروناً ومستشارا ثم عضوا بمجلس كان يرجى منه خيرا لمنظومة التربية والتكوين والبحث العلمي.
فالرجل لا تجمعه برئيسه في مجلس المستشارين وأمينه العام في النقابة حاليا الذي جعل منه نقابيا استقلاليا علاقة صداقة فقط، بل تعدت إلى أبعد من ذلك، حين تجلت مظاهر اختلالات في تدبير شؤون المجلس خصوصا فيما يتعلق بطرق تمرير الصفقات. والحديث هنا عن صفقة إصلاح مقر مجلس المستشارين التي مرت حسب العارفين بدواليبه بشكل غير قانوني، حيث عمل حفضي، المحاسب بالمجلس، على تمرير الصفقة لرئيسه وأمينه العام التي تتراوح ما بين 20 و 30 مليون درهم دون عرضها على اللجنة 13 التي لم تشكل بعد. وكما يقول المثل، إذا عرف السبب بطل العجب، فلا غرابة إذن أن يرد ميارة لصديقه ومدبر أموره الجميل بإلباسه جبة نقابي استقلالي لضمان مقعده بالمجلس الأعلى للتربية والتكوين، بعدما تعذر عليه تعيينه بنفس المنصب عن مجلس المستشارين تجنبا لما يمكن أن يلاقيه من أعضائه.
أما مسألة استماتة حفظي في الحصول على مقعد بالمجلس الأعلى للتعليم فله أسباب نزوله أيضا، ولنتذكر جميعا يوم كان النقابي الجديد رئيسا لفريق الاتحاد العام لمقاولات المغرب بمجلس المستشارين إبان جائحة كورونا، وكيف هاجم وزير الشغل والإدماج المهني، محمد أمكراز، آنذاك مدافعا عن المدارس الخصوصية، بعدما فضح الأخير ممارسات مدارس خاصة قال “إنها صرحت بصعوبات واجهتها في أداء أجور العاملين لديها مع أن مسؤوليها استخلصوا واجبات شهر مارس وقاموا رغم ذلك بتسريح الآلاف من الأساتذة والإداريين” وإذا علمنا أن حفظي له في مجال التعليم الخصوصي ما له، فقد نفهم جيدا أن الأمر تجاوز حب المنصب إلى تموقع يمكنه من سبل الدفاع عن مصالحه،