ثقافة وفن

بابا علي: دراما أمازيغية تنجح في تنشيط السياحة الداخلية وتبعث برسائل اجتماعية قوية

الحسن البوعشراوي

تضافرت العديد من أرقام صناعة معادلة نجاح المسلسل الأمازيغي الشهير”بابا علي” والذي يبث جزءه الثالث، رمضان الجاري على شاشة القناة الثامنة، لتصنع قصة النجاح الباهر الذي يحق لصانعيه من كل مكونات الطاقم الفني والتقني والإداري لهذا المسلسل أن يحتفوا به ويمثل لديهم وسام شرف تؤكده نسب المشاهدة العالية التي باتت مطردة منذ بداية انطلاق البث، على التلفزيون أو قناة اليوتيوب.
ولعل من أكبر عوامل هذا النجاح المسجل، والذي لم يفلح هذا العمل التلفزيوني في استقطاب وجذب الجمهور منذ بثه على الشاشة فقط، بل تجاوز الصدى القوي ليصير حديث شبكات التواصل الاجتماعي المقروءة والسمعية البصرية، يعود إلى قوة السيناريو والحوار وتجربة كاتبه الطويلة في المجال ذاته، الفنان “أحمد نتاما” الذي يجسد دور البطولة، حيث استلهم المحتوى من الحياة الضاربة جذورها في أعماق التاريخ الأمازيغي، بما تحمله من رسائل واضحة للأجيال في سائر مناحي الحياة العامة والخاصة، فضلا عن المعاني الرصينة للأقوال والحكم المأثورة التي تشكل، وإلى اليوم، إحدى روافد أصالة البناء الأسري والاجتماعي لكثير من الأجيال.
وفي صورة تبرز ثراء وغنى المجال القروي والربوع النائية، بمؤهلات طبيعية تراثية تستحق الاكتشاف، وبإمكانها أن تشكل قاطرة لجر مشاريع وبرامج واعدة لتنشيط الدورة السياحية والاقتصادية، مثلما كان له أثر لافت في تجربة الجزء الأول الذي تم تصويره بمنطقة”إجوكاك” نواحي الحوز، ظلت مشاهد منطقة “تيفنوت” بإقليم تارودانت، محط إعجاب وانبهار أيضا في حلقات الجزء الثالث، خصوصا ما تكتنزه المنطقة من تراث معماري وموارد طبيعية لها قيمة مضافة في حال تثمينها وجلب الاستثمارات المرتبطة بإنعاش الاقتصاد الاجتماعي المحلي.
كيف يتعايش الأفراد باختلاف فئاتهم العمرية داخل مجال ترابي واحد، وانتصار الحق على الباطل في الأخير، واندحار سلوكيات المكر والغدر والدسائس والكذب أمام سجايا الصدق والحكمة والصلاح في المعاملات، واحترام حقوق المرأة والأم وتقدير مقام أهل العلم وصراع الأجيال، كلها رسلئل من ضمن أخرى عديدة يجسد هذا العمل الفني مشاهدها في إبداع التأم في توقيعه ثلة من الأسماء اللامعة في مجال التمثيل والتشخيص، والإدارة الفنية تحت إشراف المخرج مصطفى أشاور، وبإنتاج من شركة وردة فيزيون.
عوامل إذن من بين أخرى، متضافرة، ساهمت في جعل هذا المسلسل يتبوأ مرتبة جد متقدمة في المشاهدة والمتابعة، فهو لم يكن مجرد عمل تشخيصي للفرجة وحسب، بل رسالة واضحة لكل المسؤولين القائمين على قطاع السياحة الداخلية خصوصا بالربوع النائية، لدعم مثل هذه الأعمال وتحفيز كل الأنشطة التي تستهدف إنعاش المجال، فمثل هذا العمل الفني جمع ماتفرق في كثير من البرامج والأوراش التي ظلت حبيسة الأثر في الصور والأنشطة المتقطعة ولم تقدم القيمة المضافة الحقيقية المنشودة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock