خيار العلاقات الرضائية او العفة وسؤال الباءة الكامنة في الخليقة .
بقلم الدكتور سدي علي ماءالعينين ، اكادير غشت 2024.
في البداية اردت ان افتح لكم قلبي قبل ان اطلق العنان لقلمي للخوض في موضوع اليوم .
حقيقة أجد كثيرا من الموانع التي تجعلني مترددا في تناول مواضيع تخص ظواهر تنخر المجتمع ، ومجرد كشفها يراه البعض مسا بالحياء .
الموانع متعددة منها وضعي الإعتباري في المجتمع الذي يفرض علي واجب الإحتراز ، ووضعي الأسري والقبلي الذي يحتم علي صيانة القيم السائدة فيهما.
الله الواحد ،الأحد ، فهو بذلك لا مثيل ولا اخ له ، والأحد الذي لا زوج له ، ليس بمعنى الزواج ولكن بمعنى النظير و المقابل (ذكر/انثى ).
وكل الكائنات خلقها ازواجا لتتزوج وتتوالد ، وما يجمع بينهما هو رباط كوني قابع في الخليقة ، ولا تصلح الاديان والقوانين الا لتضبطه و توجهه لما يخدم الجماعة .
ومنذ القدم والمجتمعات والاقوام تتوارث ذكوريتها ،فلا نجد في تاريخ الإنسانية إمرأة قادت دون ان يكون ذكر الى جانبها . لكننا نجد كثيرا من قصص التاريخ قاد فيها ذكور حروبا من اجل انثى .
في مجتمع اليوم لازال المنطق الذكوري هو السائد ، والذي اعطى للرجل أحقية (ولا نقول قانونية) ان يعدد صيغ التعامل مع الانثى للمتعة الكامنة في الخليقة او للتوالد الذي سنه الخالق .
فشرع التعدد ، وشرع الطلاق اكثر من مرة وبلا تحديد فترة ، وخفف من عقوبات اي اتصال خارج مؤسسة الزواج ،عازبا او متزوجا ، حتى ان عقوبة العزاب اكبر من عقوبة المتزوجين التي يلغيها تنازل الزوجة (وهو تنازل عن حق ), مع ان القانون يحير عندما يكون الحق موزعا بين اكثر من زوجة ، رفض واحدة منهن التنازل يتسبب في انتهاك حق الاخريات المتنازلات .
لكنه سبحانه وتعالى لم يشرع التعدد للإناث كما شرعه للرجال،
وطلب اليد للزواج جعله المجتمع في يد الذكر وليس في يد الانثى ، فيما الطلاق منحه للإثنين .
وعندما اوصى الدين الحنيف بحفظ الفروج للذكور والإناث ، فإنه خص الرجل بخيار الباءة فمن استطاعها تزوج ومن لم يستطع صام ، أما الإناث فلم يرد بخصوصهن لا زواج- والذي لا سلطة لهن في التقدم اليه – ولا الصيام الذي لم يذكر ما يفيد جمعهما فيه .
ليقفز السؤال : فما على الانثى فعله إذا إستطاعت الباءة ؟ وما هي فاعلة إن لم يأتي هذا الزوج ؟
وما يسري على العازبات يسري على المطلقات والارامل ، وكل الحالات التي تكون فيها الانثى بلا ذكر ،حتى في السجون .
قال النووي: اختلف العلماء في المراد بالباءة هنا على قولين يرجعان إلى معنى واحد:
أصحهما أن المراد معناها اللُّغوي، وهو الجماع، فتقديره: مَن استطاع منكم الجماع لقدرته على مؤونته – وهي مؤن النكاح – فليتزوَّج، ومَن لم يستطع الجماع لعجزِه عن مؤنه، فعليه بالصوم ليدفع شهوته ويقطع شرَّ مَنِيِّه كما يقطعه الوجاء، وعلى هذا القول وقع الخطابُ مع الشباب الذين هم مَظنَّة شهوة النساء، ولا ينفكون
ومن غرائب المجتمع ان اصواتا تدعو لإلغاء التعدد من أجل حق الانثى الإستفراد بذكر واحد في مؤسسة الزواج ، لكنها تدعو الى الحق في التعدد خارج مؤسسة الزواج وأيضا حفاظا على حق الانثى.
المندوبية العامة للتخطيط في دراسة حديثة تحمل عنوان « المرأة المغربية في أرقام 2023” قالت ان العازبات يشكلن 40 في المائة من تعداد النساء في المغرب.
لا يمكن ان نقول ان سبب هذا الإرتفاع يرجع الى إلغاء التعدد ، فوفقاً لبيانات البنك الدولي قدر عدد سكان المملكة في عام 2019م بحوالي 36.47 مليون نسمة، شكل الذكور 49.61%، والإناث 50.39%، بنسبة نوع بلغت 98.5 ذكر لكل 100 أنثى.فالإناث اكثر من الذكور لذلك حصل التضخم في العزوبية .
إن المجتمع يترك للذكر وفق قوانين المجتمع الذكوري حرية إشباع حاجته الكونية الى انثى ، لكنه مطلقا لا يطرح حلولا للعنوسة . وبسبب عزوف الذكور عن الزواج ، و التضييق حد المنع على التعدد ، اصبح السؤال هو :
ما موقع الانثى التي عندها الإستطاعة على الباءة ؟
إن حفاظ الانثى على فرجها هو ما يعطيها العفة في المجتمع ،و لا يوقعها في الخطيئة بالإتصال بالذكر خارج النظام .
وبإسم المجتمع والدين تقمع الأنثى حاجتها الى الرابط الكوني الذي يكمن في الخليقة وهو حاجتها الى ذكر بعد ان تحققت عندها الاستطاعة للباءة لكنها لا تجد ذكرا يحققه لها في إطار سلطة الزواج .
لقد اقترنت العفة بالمجتمع من خلال سلوك المرأة ومعاملاتها ،فكلما كانت علاقاتها مبنية على العفة ،كلما تحقق تماسك المجتمع ولو على حساب حق الانثى في الذكر .
وكل حالة أخرى يتحقق فيها اتصال بين ذكر وانثى يراه المجتمع والدين فسادا و قتلا للعفة وخلخلة لبناء المحتمع . تتحول فيه المرأة الى سلعة و الى اجسام للغرائز .دون ان ننكر ان حالات كثيرة من الزواج ، العلاقة فيه تجعل الانثى سلعة .
اربعون في المائة من ساكنة المغرب نساء ، يفترض ان يكن الآن في حالة صيام لإطفاء الإستطاعة للباءة ،
نساء يعانين في صمت ،ويعشن حياة انتظار ذكر قد يأتي ولا يأتي ، متمسكات بعفتهن التي تضمن لهن موقعا ومكانة في المجتمع ،وأجرا وحسنات في الآخرة .
لكن ما لا يمكن ان يضمنه احد هو ان تكون النساء العازبات كلهن ملفوفات بالعفة طاهرات لم يمسسهن ذكر مادمن لسن تحت مظلة الزواج ؟
وما هو مؤكد ان هذا الوضع يولد عدم توازن نفسي عند هذه الفئة العريضة من المجتمع ، خاصة وسط حدة المؤثرات الغريزية التي تغزو المجتمع .
إناث فيهن من الجمال ما تهواه عيون الذكور ،ومن العلم ما يصون دينهن ،و من المناصب ما يحفظ دنياهن ، لكن لا تواصل لهن مع الرباط الكامن في الخليقة وهو الذكر .
وامام التزايد المهول لحالات الطلاق التي تصل الى 800 حالة طلاق ، يمكن القول بوجود خلل في الاتصال بين الذكر و الانثى وفق قوانين الدولة.
لكن ما اصبح مؤكدا هو ان العفة لن تصمد امام مجتمع متفكك العلاقات ،لا الزواج فيه ناجح ولا ،والعزاب فيه في عفة وصيام ،
والنتيجة ماترون وتسمعون في انتظار تعليقاتكم .
فهل تعتبرون ؟