مقالات و آراء

السيول الجارفة التي تعري فسادنا!

بقلم الدكتور سدي علي ماءالعينين

قبل خمس سنوات ،عندما جرفت السيول بعضا من المتفرجين في مباراة لعبت بملعب في قلب ممر الوادي باداونضيف قيادة إغرم نواحي تارودانت، ساعتها تحركت مصالح الداخلية بتعليمات من وزير الداخلية بإحصاء كل المباني و المنشآت التي بنيت في الوديان والعمل على تسوية وضعيتها العقارية ،كما تم التشديد على منع الترخيص بالبناء بمحاداة الاودية او في اودية يعتقد الساكنة انها ميتة .
كان هذا قبل خمس سنوات مضت ،زهقت ارواح ابرياء لان المسؤولين المحليين شيدوا ملعبا لكرة القدم وسط الوادي .
اليوم من يعاين الخسائر التي عرفتها بعض مناطق المغرب سواء بجهة سوس ماسة او جهة كلميم واد نون او في منطقة درعة ،سيعاين بالعين المجردة ان الابنية التي جرفتها السيول كانت متواجدة على جنبات الاودية وبنايات اخرى وسط مجاري الاودية .
فهل نحمل المسؤولية هنا للجهات الرسمية التي تعاملت مع تعليمات وزارة الداخلية بشكل مؤقت حتى مرت العاصفة ونسي الناس الموضوع ؟
ام نحمل المسؤولية لمواطنين يصرون على تشييد هذه المباني في امكنة يعتبرونها ملكيتهم الخاصة بعقود عرفية و يستعملون كل الإغراءات للضغط على المنتخبين والسلطات للسماح لهم بالبناء على اراضيهم المحادية للاودية ؟
مهما حاولنا تبادل الاتهامات بهذا الخصوص ،فإن ما هو مؤكد ان هناك شبهة فساد بين الساكنة و المسؤولين المحلين و تقصير من هؤلاء المسؤولين الذين تجاهلوا تعليمات وزارة الداخلية .
على المغرب وبشكل مستعجل وبمناسبة الاحصاء العام للسكان والسكنى ان يضع جردا دقيقا لكل المباني والمنشآت الغير قانونية و التي تهدد ارواح الساكنة ،ونقصد هنا المباني و المنشآت المشيدة بالوديان او على جنباتها .
وعلى الدولة ان تضع خطة عمل ممتدة على مدى خمس سنوات تكون بمثابة برنامج للطي النهائي لهذه الظاهرة ، و وضع تشريعات خاصة بهذه الاراضي ،بحيث يتم نزع الملكية إن كانت في ملكية المواطنين ،او تحويلها الى مناطق فلاحية يمنع فيها البناء …
هناك اكثر من طريقة واكثر من حل لوضع حد لهذه الظاهرة ،ولا يحتاج الامر سوى قرارا سياسيا ووضع آليات تنفيذ ناجعة.
لا يمكننا في كل موسم شتاء ان ندعو الله ان يرفع عنا الجفاف ويروينا بامطار الخير ،وبدل ان نعد محصولنا ،نعد موتانا وغرقانا وبيوتنا المهدمة او المتضررة .
بعد خمس سنوات يجب ان نكون قد طوينا هذا الملف وتصالحنا مع اوديتنا وتركنا لها مجاريها تجري فيها كما شاء لها الخالق وكما كان عهد اجداددنا .
لا يجب ان نعاند الطبيعة اشباعا لجشعنا ،ولا نريد لارواح عزيزة ان تزهق ظلما و فسادا وسوء تدبير .
فهل تعتبرون ؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock