أقصوصة رأس الرمل للأستاذ “محمد العليكي”
بقلم الاستاذ “محمد العليكي” كان النهار يئن تحت وطأة الشمس الحارقة ، و أوشك الحر ان يكوي كفيح جهنم . حمل طارق سيفه و أقسم القسم الشنيع أن يقطع رأس الرمل ؛ هذا الرأس العنيد الذي أبى أن يستجيب أو يستقيم ، و بعد أن اهتدى له السبيل نزل مسرعا نحو المدينة العتيقة و الشرر يتطاير من عينيه . كان السوق الصغير يسوده صمت مميت تكسره بين الحين و الآخر أصوات بائعي السمك ، قليلون هم من يعبرون أو يشترون لشدة الحرارة رغم أن الوقت كان يلهث نحو منتصف النهار . رفع طارق سيفه و لوح به عاليا و هو يصيح ملء فيه كالمجنون تماما ؛ أو أنه المجنون فعلا : ” أين ذاك الرمل المعتوه المتعالي ؟ فليقترب مني ، أريد مواجهته الآن ! ” . أجابه بائع السمك و هو يقهقه
ضاحكا : ” انزل إلى باب البحر لعل الرمل في انتظارك ” .
نزل طارق يتلوى كخذروف فقد توازنه ، يجري بين الدروب و الأزقة المهترئة حتى وجد نفسه أمام جدار إسمنتي سميك و بحر أصخر لا باب له . جن جنونه ثم وقف يركل الجدار و هو يرغو كطفل رضيع . رمى بسيفه عرض الموج . أخذ نفسا عميقا ثم جلجل في وجه المتحلقين كرعد الصيف : ” هذا البحر لا باب له . لا رمل له !؟ . “