مقالات و آراء

الشراكة الاستراتيجية بين المغرب والولايات المتحدة: آفاق جديدة في ظل التحولات الدولية.

في ظل التحولات السياسية والاقتصادية التي تشهدها الساحة الدولية، يبرز دور الشراكة المغربية-الأمريكية كعنصر أساسي في الاستراتيجيات الأمنية والاقتصادية في شمال إفريقيا والشرق الأوسط. يرى بوبكر أنغير، الباحث في العلوم السياسية وتاريخ العلاقات الدولية، أن توقيت المحادثات بين وزير الخارجية المغربي ونظيره الأمريكي ليس اعتباطيا، بل هو نتاج استراتيجيات مدروسة تهدف إلى تعزيز التعاون بين البلدين في عدة مجالات حيوية.
استراتيجية أمريكا في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا
يؤكد أنغير أن الولايات المتحدة تسعى في بداية ولاية الرئيس دونالد ترامب إلى تعزيز تحالفاتها الإقليمية التي تركز على دعم الدول الحليفة القادرة على تنفيذ سياسات تسهم في استقرار المنطقة. في هذا السياق، يشير إلى أن المغرب يعد شريكا استراتيجيا أساسيا في الرؤية الأمريكية للشرق الأوسط وشمال إفريقيا، خاصة بعد توقيع اتفاقيات “أبراهام” التي تتضمن تعزيز العلاقات مع إسرائيل.
ويستعرض أن المغرب أصبح محورا رئيسيا في هذه الاستراتيجية من خلال تقديمه نموذجا للسلام والتعايش، مستفيدا من السياسة الحكيمة للملك محمد السادس. هذه السياسة جعلت من المغرب “واحة للسلام” وملتقى للحوار بين مختلف الأطراف في المنطقة.
يرتبط العامل الثاني في الاستراتيجية الأمريكية بموقع المغرب الجغرافي وأهمية دوره في تطبيق المبادرة الأطلسية، التي تهدف إلى تعزيز النفوذ الأمريكي في منطقة الساحل والصحراء. المغرب يلعب دورا محوريا في توفير واجهة بحرية لهذه الدول، ما يعزز التعاون الاقتصادي والاستثماري بين الرباط وواشنطن. كما يشير أنغير إلى أن هذه الشراكة تكتسب طابعا استراتيجيا في مواجهة التحديات الكبرى، خصوصا المنافسة مع قوى دولية مثل الصين.
أما العامل الثالث الذي يعزز العلاقات بين البلدين، فيتجسد في التعاون العسكري والأمني. يعتبر المغرب شريكا مهما للولايات المتحدة في منطقة شمال إفريقيا، حيث يساهم في تحقيق الاستقرار والأمن الدولي. وقد أظهرت العديد من الأحداث والتحولات أن المغرب يلعب دورا رئيسيا في مكافحة الإرهاب والجماعات المسلحة التي تهدد أمن المنطقة والعالم.
قضية الصحراء وفلسطين في العلاقات المغربية-الأمريكية
من جانب آخر، يرى أنغير أن قضية الصحراء المغربية قد أصبحت محورية في العلاقات الأمريكية مع المغرب، خاصة بعد أن أعلنت الإدارة الأمريكية دعمها لسيادة المغرب على أراضيه الصحراوية، وهو ما يفتح الباب أمام الاستثمارات الأمريكية في الأقاليم الجنوبية. ويربط الباحث ذلك بتعزيز دور المغرب في تحقيق الاستقرار الأمني في المنطقة، وجذب الاستثمارات الدولية، خاصة في ظل المنافسة الكبيرة من الصين على القارة الإفريقية.
فيما يخص القضية الفلسطينية، يشير الباحث إلى أن الولايات المتحدة تدرك دور المغرب التاريخي في هذه القضية، إذ كان دائما داعما لحقوق الفلسطينيين في إطار الشرعية الدولية. كما يبرز دور المغرب في تقريب وجهات النظر بين الفلسطينيين والإسرائيليين، ما يعزز مكانته في السياسة الإقليمية والدولية.
آفاق المستقبل في الشراكة المغربية-الأمريكية
يتوقع بوبكر أنغير أن تستمر الشراكة المغربية-الأمريكية في التطور خلال السنوات القادمة، نظرًا لأن كلا البلدين يدركان أن الأمن والاستقرار الإقليميين ضروريان لتحقيق الأهداف السياسية والاقتصادية المشتركة. يرى أن هذه الشراكة ستعزز من الاستثمارات الأمريكية في المغرب وفي المنطقة بشكل عام، وتساهم في تعزيز الأمن الإقليمي، خاصة في مواجهة التحديات الأمنية التي تشهدها القارة الإفريقية.
وتستمر العلاقات المغربية-الأمريكية في الازدهار على مختلف الأصعدة، من خلال التعاون العسكري، الأمني، الاقتصادي والسياسي، مما يجعل المغرب شريكا أساسيا في الاستراتيجية الأمريكية في المنطقة. ويمثل المغرب بذلك نموذجا فريدا في تحقيق التوازن بين المصالح الوطنية والدولية، مؤكدًا على دوره الحيوي في تعزيز الأمن والاستقرار في المنطقة والعالم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock