جوزيف شتريت يصدر كتابا يسلط الضوء على الترابط الثقافي بين الحضارات القديمة في شمال إفريقيا.

في إصدار أدبي متميز، أطلق الباحث اللساني المعروف جوزيف شتريت كتابا جديدا يغوص في أعماق التراث الثقافي والتاريخي بين الحضارات القديمة في شمال إفريقيا، مع تركيز خاص على العلاقات بين الثقافتين العربية والأمازيغية ونظيرتهما العبرية. الكتاب، الذي يحمل بين طياته ثروة من الوثائق العلمية والمعطيات الأدبية، يعد إضافة قيّمة إلى المكتبة الثقافية التي تبحث في جذور الحضارات وتفاعلاتها.
يقدم شتريت في كتابه تحليلا عميقًا للتواصل الثقافي بين هذه الحضارات، مستندا إلى نصوص أدبية وشعرية تبرز التأثيرات المتبادلة بينها. ومن أبرز ما تناوله الباحث مقاطع من قصائد عربية وأمازيغية تم تداولها في الأدب العبري، مما يظهر مدى التلاقح الفكري والأدبي بين هذه الثقافات. كما أورد شتريت نماذج من الأشعار التراثية التي تتناول موضوعات مثل العرس الأمازيغي، والتي تظهر مدى تشابك الثقافات وتأثيرها في بعضها البعض.
ومن بين القصص التي أثارت اهتمام القراء، حكاية “أبجاو”، التي استوحاها شتريت من الأدب الأمازيغي الأصيل. تحكي القصة عن عريس انكسر ليلة عرسه بعد وقوفه بشكل خاطئ على سطح مبناه في انتظار عروسته، مما أدى إلى إصابته بكسر في رجليه. وتدخلت يهودية لتقديم العلاج اللازم له، وهو ما أثار غيرة وحفيظة عروسته. هذه الحكاية، بالإضافة إلى غيرها من النصوص التي يضمها الكتاب، تُظهر مدى التعايش والتفاعل بين المجتمعات المختلفة في شمال إفريقيا.
ومع أن الكتاب صدر باللغة العبرية فقط حتى الآن، إلا أن القراء العرب والأمازيغ ينتظرون بفارغ الصبر ترجمته إلى الفرنسية، والتي من المتوقع أن تصدر قريبا. هذا الانتظار يعكس أهمية العمل وقيمته العلمية والأدبية، خاصةً في ظل الحاجة الماسة إلى أعمال تُعمق فهمنا للتراث الثقافي المشترك في منطقة شمال إفريقيا.
يُذكر أن جوزيف شتريت يعد من أبرز الباحثين في مجال اللسانيات والدراسات الثقافية، وقد قدم على مدار سنوات عديدة إسهاماتٍ كبيرة في فهم التفاعلات الثقافية بين الحضارات. كتابه الجديد يضاف إلى قائمة أعماله الرائدة، والتي تسهم في إثراء الحوار الثقافي وتعميق الروابط بين الشعوب.
يعتبر هذا الكتاب دعوة إلى إعادة اكتشاف الجذور الثقافية المشتركة، وإلى تعزيز الحوار بين الثقافات في منطقة شمال إفريقيا، التي تعد مهدا للعديد من الحضارات الإنسانية العريقة.