مقترح قانون جديد يدعم حرية اختيار الأسماء في المغرب ، خطوة نحو تعزيز الهوية الأمازيغية وحقوق الإنسان.

في خطوة تعتبر تطورا مهما في مسار تعزيز حقوق الإنسان والهوية الثقافية في المغرب، قدمت الكتلة النيابية للاتحاد الاشتراكي مقترحا قانونيا يهدف إلى تأكيد حق الأسر في اختيار أسماء مواليدها بحرية وفق القانون المعمول به. هذا المقترح جاء بعد سنوات من النقاشات والجدل حول قضية الأسماء الأمازيغية التي كانت تواجه في السابق قيودا وإجراءات تعسفية.
وقد رأى رئيس العصبة الأمازيغية لحقوق الإنسان، بوبكر أونغير، أن هذا المقترح القانوني يدخل في صميم احترام حقوق الإنسان ويعكس سعيا حقيقيا نحو المصالحة مع كل مكونات الهوية المغربية. وأشار أونغير إلى أن الأسماء الأمازيغية كانت حتى وقت قريب ضحية لمنع وتشويه وتأخير في التسجيل، حيث عانت العديد من الأسر الأمازيغية من التضييق عندما حاولت تسمية مواليدها بأسماء أمازيغية أو غير مألوفة.
وذكر أونغير أن هذه الممارسات كانت بارزة بشكل خاص خلال عهد وزير الداخلية السابق إدريس البصري، الذي سن قوانين تحصر الأسماء المقبولة في قوائم محددة، مما أجبر العديد من الأسر على اللجوء إلى القضاء لتسجيل أسماء مواليدها.
واعتبر أونغير أن أهمية هذه المبادرة التشريعية تكمن في تصحيحها لأخطاء سياسية وهوية فرضت على المغرب منذ عقود، خاصة في ظل قوانين التعريب والتوحيد القسري التي اعتبرها “مجحفة وظالمة” لمكونات الهوية المغربية المتنوعة. وأضاف أن هذه القوانين القديمة كانت تعكس توجهات تعريبية قسرية، مما أدى إلى إقصاء وتهميش الهوية الأمازيغية والثقافات الأخرى.
وأكد أونغير أن تقديم الكتلة الاشتراكية لهذا المقترح يشكل نوعا من النقد الذاتي للممارسات السياسية والإيديولوجية السابقة، خاصة أن العديد من الاشتراكيين المغاربة كانوا جزءا من تلك التوجهات التعريبية القسرية. وأشار إلى أن التطورات الأخيرة في الوعي الجماعي المغربي، سواء على المستوى الوطني أو الإقليمي والدولي، فرضت على الأحزاب والمؤسسات مراجعة مواقفها لتتناسب مع روح العصر الذي يتميز بانتشار المقاربات الحقوقية ودعوات التعدد الثقافي.
ورغم الترحيب بالمقترح، لفت أونغير إلى أن نجاحه لن يتوقف فقط على إقرار النصوص القانونية، بل سيعتمد بشكل كبير على كيفية تطبيقها على أرض الواقع. وأكد أن تطبيق هذه القوانين الجديدة يتطلب تكوينا وتأطيرا شاملا للطاقم الإداري الذي سيكون مسؤولا عن تنفيذها، بالإضافة إلى توعية جماعية تعزز قناعة المجتمع بالحقوق الثقافية والاختلافات والتعددية.
وأوضح أن العبرة ليست في وضع القوانين فقط، بل في كيفية تنفيذها بشكل عادل ومنصف. ودعا إلى ضرورة تعزيز الوعي الجماعي بأهمية التعددية الثقافية واحترام حقوق الإنسان، مشيرا إلى أن هذه الخطوة التشريعية يجب أن تكون جزءا من مسار أوسع يهدف إلى تعزيز الهوية المغربية المتنوعة.
مقترح القانون الجديد يمثل خطوة مهمة نحو تعزيز حقوق الإنسان والهوية الأمازيغية في المغرب، لكنه يطرح في الوقت نفسه تحديات تتعلق بالتطبيق العملي والوعي المجتمعي. إذا تم تنفيذه بشكل صحيح، يمكن أن يكون هذا المقترح بداية لمرحلة جديدة من المصالحة مع الهوية المغربية المتنوعة، وتعزيزاً لحقوق الإنسان في البلاد.