مذكرات بريدي …ساعي البريد النطاح وعون العمليات

هنا 24/ عبد الصادق النوراني.
لم تكن المصلحة الخلفية بالمكتب الرئيسي للبريد بمراكش أقل أحداثا من نظيرتها قاعة الموزعين ، بل كانت هي أيضا حبلى بالأحداث الشبه يومية التي غالبا ما تتسرب تفاصيلها إلى المصالح الأخرى لكونها عذبة وجميلة وأن في سماع تفاصيلها لحلاوة وإن عليها طلاوة وإن أعلاها لمثمر وأسفلها لمغدق وأنها تعلو ولا يعلى عليها من حيث الفكاهة .
ولعل أشهر هذه الأحداث هو حينما سدد أحد الموزعين دماغا عنيف جدا لأحد الأعوان أرداه مغميا عليه فورا ثم انصرف إلى حال سبيله في أحد أيام ربيع سنة 1999 .
وتعود تفاصيل هذا الحدث الى خلاف قديم بين الزميلين ازداد تأججا لعدم تدخل ذوي النيات الحسنة لرأب الصدع وإصلاح ذات بينهما حتى وصل إلى ما وصل إليه .
كان ساعي البريد (النطاح) رجلا وقورا ما بين الخمسين والستين، مؤذب قليل الكلام لا يحظر مع الزملاء لا لأعراس ولا لولائم ولا لمناسبات ، قوي البنية يثيرك منذ أول نظرة شكل رأسه الكبير وأنفه الذي يشبه منقار نسر غالبا ماكان يضع عليه نظاراته البصرية . في حين زميلنا العون نحيف البنية طيب القلب مفرط في إعطاء الصدقة كثير الكلام والتدخين ، وكان من كثرة إدمانه على أفلام الكاراطي أن أصبح عنيفا في تصرفاته وكلامه الذي يشبه زقزقات عصفورة المسجد(طبيبت)حتى أنه في بعض الاحيان ينزع ملابسه الفوقية ويترك المايو فقط ليستعرض عضلاته الرخوة الغير منسجمة التي تتخللها عروق خضراء تعطي الإنطباع أن صاحبنا قد قرب أجله ، وكان كلما استعرض عضلاته إلا ويقول لمن بجانبه ( طلع تشرب أتاي).
وكان دائما كلما مر من أمامه ساعي البريد النطاح إلا ويعاكسه بكلمة أو كلمتين إلى أن تفوه في حقه يوما بكلمات نابية سمعها كل من كان بجانبه فرجع إليه ووجه له دماغا عنيف جدا بذلك الرأس أرداه أرضا مغمى عليه،هنالك تفتقت عبقريات الزملاء الحاضرين فمنهم من شم له البصل وآخرون وضعوا له المفاتيح في يده والآخر قرأ عليه القرآن ضانا أن ساعي البريد النطاح يسكنه جن وآخر رشه بالماء إلى أن استرجع وعيه فقال 🙁 آش هاذ البرق فهاذ الظلام خليني ألواليدة ننعس راه باقي الظلام حتى لسبعة اوفيقوني للخدمة) ضانا أنه في سرير بيته ووالدته توقضه ليذهب إلى العمل، فما كان على رئيس المصلحة إلا ان استدعى الإسعاف لتحمله للمستشفى حيث تلقى العلاج وسلمت له شهادة طبية كاد أن يرسل بها ساعي البريد النطاح إلى السجن لولا تدخل ذوي النيات الحسنة حيث كان نصيبه فقط عقوبة إدارية . منذ ذلك الحين وزميلنا العون تأخده غفوات نوم في جل الجموع والمناسبات ( عاهة مستديمة يعني ) .
( اللي ما خرج من البوسطة ما خرج من عقايبها ) .