مجتمع

جمعية التضامن لزارعي القوقعة بمراكش: نضال مستمر لزرع الأمل في آذان صغيرة

هنا 24/ ابتسام عوام .

في قلب مدينة مراكش، وفي صمتٍ يعكس حجم التحدي، تأسست سنة 2017 جمعية غير عادية، بُنيت على حلم مشترك بين آباء وأمهات لم يكونوا مستعدين لقبول العجز كواقع دائم. جمعية التضامن لزارعي القوقعة لم تولد من فراغ، بل من وجع، وإصرار، ورغبة صادقة في منح أطفال يعانون من إعاقة سمعية فرصة متكافئة في الحياة.

من فكرة إلى مؤسسة رائدة

بدأت القصة حين اجتمع آباء لأطفال يواجهون صعوبات في السمع، فقرروا الانتقال من الشكوى إلى الفعل. لم تكن هناك أي جمعية تهتم بهذه الفئة على صعيد جهة مراكش، فكانت المبادرة الأولى من نوعها. ولأن الحاجة كانت ماسة، نمت الجمعية بسرعة، وأصبحت مرجعًا إقليميًا في دعم زارعي القوقعة.

رهان الإدماج المدرسي… المعركة المستمرة

منذ البداية، أدرك مؤسسو الجمعية أن العلاج الطبي ليس كافيًا. فزرع القوقعة لا ينهي المعاناة، بل يبدأ معها تحدٍّ أكبر: الإدماج في المدرسة. اصطدمت الجمعية بعدة عقبات، أبرزها غياب التهيئة التربوية المناسبة للأطفال المتعافين من العملية، والافتقار إلى جلسات الترويض السمعي والنطقي داخل الفصول الدراسية.

ورغم أن الجمعية دعت إلى تعيين أخصائيي ترويض داخل المدارس، فإن هذا المطلب قوبل بالتجاهل. لكن الاستسلام لم يكن خيارًا. فبإصرارها، وفرت الجمعية مروضات مختصات داخل مركزها، يعملن إلى جانب الأطفال والمعلمات، ويقدمن دعمًا نوعيًا يساعد هؤلاء الصغار على تجاوز صعوبات النطق والتواصل.

نجاحات… ومطالب ما تزال معلقة

حققت الجمعية اختراقًا ملموسًا في مستوى التعليم الابتدائي، حيث استطاع عدد كبير من الأطفال التكيف والنجاح. غير أن التحدي الأكبر لا يزال قائمًا في المرحلة الإعدادية. فهنا، يبدأ النزيف الحقيقي. إيقاع الدروس أسرع، والمتطلبات التربوية أكثر تعقيدًا، ولا وجود لأي تكييف للمنهاج يلائم قدرات الأطفال زارعي القوقعة.

تطالب الجمعية اليوم، بإلحاح، بوضع مناهج دراسية مكيفة، تُراعي الخصوصيات السمعية والمعرفية لهؤلاء التلاميذ. كما تدعو إلى شراكات أوسع مع المؤسسات العمومية والقطاع الخاص، لتوسيع قاعدة الدعم واستمرارية المشروع الذي لا يزال في بداياته رغم السنوات.

زرع الأمل… يحتاج أكثر من قوقعة

ما تقوم به جمعية التضامن لزارعي القوقعة بمراكش هو عمل جبار، ولكنه أيضًا صرخة في وجه منهاج تعليمي لم يواكب بعد حاجيات كل أبنائه. هؤلاء الأطفال لا ينقصهم الذكاء، بل الدعم. لا يحتاجون الشفقة، بل الفهم. هم لا يطلبون الكثير… فقط فرصة حقيقية للاستماع، والفهم، والمشاركة.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
ر

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock