الطبالون الجدد.. أبواق الريع وخُدام الرداءة

بقلم_عبد الحميد علوشا في زمن الهشاشة السياسية والإنجازات المغشوشة، يطفو على السطح نوع جديد من الكائنات، لا مبدأ لها ولا كرامة، مهمتها التطبيل والتزمير لمن يدفع، ولو على حساب الحقيقة والمصلحة العامة. إنهم “الطبّالون الجدد”، الذين لا يرون في الخراب إلا نهضة، وفي الفساد إنجازًا، وفي الريع حقًا مكتسبًا.
هؤلاء لا يهمهم أن تتآكل البنية التحتية، ولا أن تتحول ملاعب القرب إلى أطلال بعد سنوات معدودة، ولا أن يُهدر المال العام في صفقات مشبوهة. ما يهمهم فقط هو الاستفادة من كعكة الريع التي يوزعها المجلس البلدي بسخاء على المطبلين، في شكل صفقات، دعم وهمي، أو مهام “خارج القانون”.
يتحدثون عن “التاريخ” وهم يطمسون الحقائق. يكتبون عن “الإنجازات” وهم يعرفون أنها مُرقّعة، مؤقتة، سرعان ما تنقشع عن وجهها الحقيقي. يتغنون باسم شخص متابع قضائيًا في ملفات سوء تدبير وتبذير للمال العام، دون أن يرفّ لهم جفن، لأنهم ببساطة جزء من اللعبة، بل أدواتها القذرة.
لكن ليعلموا جيدًا:
التاريخ لا يكتبه الطبالون، بل يكتبه الصادقون، الميدانيون، الذين لا يركعون للريع ولا يسجدون لسلطة المال الفاسد.
القصر الكبير لا يحتاج من يُهلّل للرداءة، بل من يواجهها. لا يحتاج “مؤثرين” بالمقابل، بل أصواتًا حرة تُدافع عن كرامة الساكنة، وتفضح الفساد، وتكشف الأقنعة.
فاصمتوا قليلًا… فصراخكم لم يعد يُقنع أحدًا، وطبولكم لم تعد تُغطي على رائحة الفشل.