مجتمع

الأخصاص… مجزرة عصرية مغلقة منذ 2018، وفضيحة تنموية تتفاقم بصمت

في مشهد يلخص العبث التنموي وهدر المال العام، لا تزال المجزرة العصرية بجماعة الأخصاص، التي شيدت سنة 2018، مغلقة منذ أزيد من ست سنوات، دون أن تفتح أبوابها في وجه الجزارين ولا الساكنة، رغم حاجتهم الملحة لهذا المرفق العمومي الحيوي، ورغم أن المشروع استوفى أشغال البناء والتجهيز، وساهمت في تمويله جهة كلميم وادنون.

المجزرة الجديدة، التي كان يفترض أن تحدث نقلة نوعية في مجال الذبح وسلامة اللحوم وتحسين شروط الصحة العامة، لم تفعل قط. الأسوأ، أن بنايتها التي لم تستغل يوما، بدأت تظهر شقوقا وعيوبا بنيوية واضحة، في مؤشر على ضعف الجودة، ما دام المشروع لم يُستخدم أصلا.

ولم يقتصر التقصير على التأخر والتقادم، بل إن المجزرتين القديمة والجديدة تفتقران معا للافتة اسم أو هوية قانونية، في خرق صارخ للقوانين التنظيمية المتعلقة بالمرافق العمومية، ما يزيد من الغموض ويفتح الباب على مصراعيه للتملص من المسؤوليات.

رغم تعدد المتدخلين، يظل الصمت هو العنوان الأبرز، الجماعة المحلية للأخصاص، بصفتها الجهة المشرفة على المشروع، لم تقدم إلى اليوم أي توضيحات للرأي العام، ولا جدولا زمنيا لتشغيل المجزرة.

السلطات المحلية، التي يفترض فيها تتبع تفعيل المشاريع، غائبة عن الملف تماما.

المكتب الوطني للسلامة الصحية (ONSSA)، المعني بمراقبة جودة المجازر، لم يُصدر أي موقف، رغم الوضع الكارثي للمجزرة القديمة.

أما جمعية مهنيي الجزارين، التي حاولت مرارا المطالبة بفتح المرفق، فتقابل بالتجاهل، بينما عمالة إقليم سيدي إفني لم تبادر إلى التحرك لفرض تفعيل المشروع أو محاسبة المتسببين في هذا الوضع المأساوي.

ما وقع في ملف مجزرة الأخصاص يعد نموذجا صارخا لهدر المال العام، حيث تحول مشروع استثماري إلى بناية مهجورة، تتآكل ببطء بفعل الزمن والإهمال، دون أن تحقق أي أثر تنموي ملموس، في وقت تظل المجزرة القديمة في وضعية مزرية وغير إنسانية، تنبعث منها روائح كريهة، ومخلفات عشوائية، ومخاطر صحية جسيمة.

ما دام الصمت هو الرد الوحيد، فإن الأسئلة تتكاثر: من يتحمل مسؤولية تعطيل المشروع؟

من يراقب جودة الأشغال وظهور الشقوق في بناية لم تستخدم؟

ما مصير مساهمة جهة كلميم وادنون؟ ولماذا لم تطالب بتفعيل المشروع الذي موّلته؟

لماذا لم تبادر عمالة سيدي إفني بفتح تحقيق جدي حول الملف؟


توصيات مستعجلة:

1. فتح تحقيق عاجل وإداري ومالي حول المشروع وظروف إنجازه.

2. تقييم هندسي وتقني دقيق لبنية المجزرة العصرية، وإصلاح العيوب المكتشفة.

3. تحميل المسؤولية للجماعة عن غياب التتبع والتراخي.

4. دعوة المكتب الوطني للسلامة الصحية للتدخل وترخيص تشغيل المجزرة وفق المعايير.

5. إشراك المجتمع المدني والمهنيين في تتبع الملف والدفع نحو الحل.

مجزرة الأخصاص ليست فقط بناية مغلقة، بل مرآة لفشل تدبيري وتواطؤ بالصمت، وصرخة في وجه من يتلاعب بمصير المواطن والمال العام. آن الأوان لفتح الملف على أعلى مستوى، قبل أن تُدفن الحقيقة بين الشقوق التي بدأت تنخر جدران مشروع لم يولد قط.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
ر

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock