مجتمع

تحقيق: كيف تحوّل مشروع اجتماعي مموّل من أموال الشعب إلى فندق فخم في سيدي قاسم؟

سيدي قاسم – منوشي عزيز

في واحدة من أكثر قضايا الفساد المحلي إثارة للجدل خلال السنوات الأخيرة، تفجّرت بمدينة سيدي قاسم فضيحة مدوّية بعد الكشف عن تحويل مركب اجتماعي مموّل من طرف المبادرة الوطنية للتنمية البشرية (INDH) إلى فندق يحمل اسم “باناصا سنتر”، يتوفر على مسبح ومرافق ترفيهية تُستغلّ تجاريًا، بعيدًا عن الهدف الاجتماعي الأصلي.

⚖️ وزارة الداخلية تدخل على الخط
الفضيحة التي كشفتها تقارير إعلامية وأكدتها مصادر رسمية، دفعت وزارة الداخلية إلى التقدّم بشكاية مباشرة إلى الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف بالرباط، استنادًا إلى تقرير صادم أعدّته المفتشية العامة للإدارة الترابية (IGAT)، تضمّن “خروقات واختلالات جسيمة” في طريقة تدبير هذا المشروع.

💰 تمويل عمومي… لخدمة مشروع خاص!
وفق المعطيات الأولية، تم تمويل المشروع في الأصل بمبلغ يفوق 1.5 مليار سنتيم في إطار برامج INDH، وكان الهدف المعلن منه هو توفير مركز استقبال وتكوين موجه للشباب، غير أن أطرافًا منتخبة سهّلت – عبر عقود كراء صورية وشهادات إدارية – تحويل المبنى إلى منشأة سياحية خاصة، تُدرّ أرباحًا كبيرة مقابل إيجار رمزي لا يتعدى 16,000 درهم شهريًا.

🕵️‍♂️ تحقيقات الفرقة الوطنية
الملف، الذي تم ضمّه إلى الشكاية القضائية عدد 16/3123/2024، أحيل على الفرقة الوطنية للشرطة القضائية، حيث استمعت إلى أزيد من 50 شاهدًا، وتم فرض إجراءات صارمة على ثلاثة مشتبه فيهم، من ضمنها سحب جوازات السفر ومنعهم من مغادرة التراب الوطني.

🧑‍⚖️ مسؤولون منتخبون في قفص الاتهام
تشير أصابع الاتهام إلى مسؤولين بارزين سابقين، من بينهم رئيس الجماعة الترابية لسيدي قاسم، ورئيس المجلس الإقليمي، اللذان يُشتبه في تورّطهما في منح تراخيص غير قانونية وتسهيل استغلال المشروع لأغراض ربحية، دون احترام المساطر القانونية المعمول بها.

🚨 من مركز اجتماعي إلى “ملهى ليلي”
مصادر محلية أكدت أن “المشروع الاجتماعي” تحوّل فعليًا إلى فندق مصنف وملهى ليلي يُنظم سهرات خاصة، في تجاوز صارخ لأخلاقيات التنمية البشرية، وفي انتهاك مباشر لروح برامج INDH التي تُموَّل من المال العام لمحاربة الهشاشة.

🧭 إلى أين تسير القضية؟
يرى مراقبون أن هذه القضية قد تكون نقطة تحول في محاربة الفساد المحلي، خاصة بعد تدخل وزارة الداخلية ومتابعة الملف قضائيًا. كما يُنتظر أن تصدر المحكمة الإدارية قرارًا بعزل بعض المنتخبين المتورطين، في حال ثبوت تواطئهم في تحويل المشروع عن أهدافه الأصلية.

قضية “باناصا سنتر” ليست مجرد حادثة فساد محلي، بل مثال صارخ على كيف يمكن لسياسات التنمية أن تُختطف من قبل لوبيات المصالح، وأن تتحول أموال الشعب إلى مشاريع نخبوية مغلقة.
المطلوب اليوم ليس فقط متابعة المتورطين، بل إعادة النظر في آليات المراقبة والتتبع لكل مشاريع INDH على المستوى الوطني.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
ر

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock