فشل السلطات المحلية في تحرير الأسواق العشوائية بالقنيطرة: الأسباب والمسؤوليات

مكتب القنيطرة/عزيز منوشي
رغم الحملات المتكررة والمبادرات المعلنة، لا تزال القنيطرة ترزح تحت وطأة الفوضى التي تخلقها الأسواق العشوائية المنتشرة في مختلف أحيائها. فوضى تشلّ الحركة، تضر بالتجار النظاميين، وتسيء إلى صورة المدينة، وتطرح علامات استفهام كبيرة حول جدية السلطات المحلية في التعامل مع هذه الظاهرة.
السلطات لم تفشل فقط في تحرير الملك العمومي، بل ساهمت في تكريس العشوائية عبر حلول سطحية وغير مهيكلة. أكبر مثال على ذلك هو مشروع أسواق القرب: مبادرة وُصفت بالبديل الحضري، لكنها تحولت إلى نكتة ثقيلة. فمعظم الباعة الذين استفادوا من المحلات قاموا ببيعها أو تركها، ثم عادوا إلى احتلال الأرصفة والشوارع، في ظل غياب أي تتبع أو محاسبة.
لماذا فشلنا؟
غياب استراتيجية شاملة:
السلطات تشتغل بمنطق “الإطفائي”، حملات موسمية دون خطة مستدامة أو مقاربة اجتماعية مرافقة.
غياب المراقبة بعد التوزيع:
تم تسليم المحلات دون آليات لتتبع المستفيدين أو مراقبة شروط الاستغلال. والنتيجة: سوق فارغ، وشارع مكتظ.
تسييس الملف:
بعض المنتخبين يتعاملون مع الباعة المتجولين كخزان انتخابي، ويفضلون التغاضي عن الفوضى لضمان الولاء.
ضعف البدائل الاقتصادية:
لا دعم، لا تكوين، لا تأطير… فقط محل في حي مهمّش، دون أن يُراعى الموقع أو طبيعة النشاط.
تواطؤ صامت:
في بعض الحالات، هناك من يستفيد من الوضع، سواء من حيث “الكراء غير القانوني” أو “فرض إتاوات”، ما يجعل محاربة الظاهرة تصطدم بـ”لوبيات المصالح”.
من المسؤول؟
الجماعة الترابية: باعتبارها الجهة المنتخبة صاحبة الاختصاص في تنظيم الأسواق والملك العمومي.
السلطة المحلية (القياد والباشوات): باعتبارها المنفّذ والمشرف على التدخلات الميدانية.
العمالة: بصفتها المسؤولة عن التنسيق بين كل الفاعلين.
المنتخبون: بسبب تغليب الحسابات الانتخابوية على المصلحة العامة.
المجتمع المدني والإعلام: لتقاعس البعض عن مساءلة الوضع باستمرار.
خلاصة
القنيطرة لا تعاني فقط من فوضى الأسواق العشوائية، بل من فوضى في الرؤية والتدبير. لا يمكن محاربة ظاهرة اجتماعية-اقتصادية معقدة بعقلية موسمية وانتخابوية.
التحرير لا يكون بالهراوة فقط، بل بالحكمة، بالتخطيط، وبالحزم.
والمحاسبة لا يجب أن تطال البائع البسيط فقط، بل من أعطاه الإذن بالصمت.