مجتمع

معاناة مستعملي الدراجات النارية في المغرب. تعقيدات إدارية وتكاليف مرهقة تحول وسيلة النقل إلى مصدر معاناة

يعاني مستعملو الدراجات النارية بمختلف مناطق المملكة من مجموعة من الصعوبات الإدارية والتكاليف المرتفعة التي جعلت من الحصول على الوثائق القانونية لهذه الوسيلة أمرا معقدا ومكلفا، مما أدى إلى تحويل العديد منهم إلى “فريسة” سهلة أمام لجان المراقبة الطرقية، وتسبب في حجز عدد هائل من الدراجات داخل المحاجز الجماعية، في مشهد يطرح أكثر من علامة استفهام حول فعالية التنظيم والإجراءات الحالية.
تتمثل أبرز الإشكالات في غياب نصوص تنظيمية واضحة ومفصلة، خاصة تلك المتعلقة بالدراجات النارية الصينية ذات سعة 49cc، حيث يتم تأويل القوانين بطريقة غير موحدة، ما يربك المواطنين ويضعهم في مواجهة عقوبات لا يعلمون أسبابها بدقة. هذا الغموض القانوني يتفاقم عندما يتعلق الأمر بعلاقة سعة الأسطوانة بوزن الدراجة، وهو عامل أساسي في تحديد تصنيفها القانوني، وما إذا كانت تحتاج إلى تأمين أو ترخيص خاص.
وعلى مستوى التأمين، يشتكي مستعملو الدراجات النارية من تكاليف مرتفعة تفوق قدرتهم الشرائية. إذ تتجاوز تكلفة التأمين في بعض الحالات نسبة 15% من ثمن الدراجة الجديدة، ولا تغطي إلا المسؤولية المدنية، بينما لا تتجاوز تكلفة التأمين على السيارات لنفس النوع من التغطية 1% من ثمنها.
من جهة أخرى، تفتقر مسطرة الخبرة التقنية على الدراجات النارية ذات السعة الكبيرة إلى معايير واضحة ومعلنة، حيث لا يحصل المواطن على وثيقة رسمية تثبت إجراء الخبرة، ما يفقده وسيلة الإثبات عند الحاجة، ويجعله تحت رحمة التقديرات الشخصية للمراقبين.
ولا تقل مسألة التأخير في تسليم الوثائق الإدارية، مثل تلك المتعلقة بإعداد اللوحات المعدنية أو تحويل الملكية، أهمية عن باقي الإشكالات، حيث تؤدي هذه التأخيرات إلى تعطيل مصالح المواطنين وحرمانهم من وسيلة تنقل ضرورية لحياتهم اليومية، سواء للعمل أو الدراسة أو قضاء الأغراض الشخصية.
كما يواجه مستعملو الدراجات قرارات مزاجية أثناء مراقبة حالة نظام العادم (échappement)، في غياب تام لأجهزة القياس التقنية التي تحدد مدى مطابقة الدراجة للمعايير المعمول بها بخصوص الانبعاثات الصوتية أو الغازية.
كل هذه الصعوبات تترجم واقعا يوميا مؤلما لمئات الآلاف من المواطنين، خصوصا من ذوي الدخل المحدود، الذين يجدون أنفسهم محرومين من وسيلة تنقلهم الوحيدة، إما بسبب الحجز أو بسبب العجز عن استكمال الإجراءات البيروقراطية المكلفة.
أمام هذا الوضع، تطرح تساؤلات حارقة حول مدى استعداد السلطات الوصية، وخصوصا وزارة النقل واللوجستيك، لاتخاذ تدابير استعجالية لتبسيط المساطر، إصدار نصوص تنظيمية واضحة، وخفض تكلفة التأمين، فضلا عن حث الوكالة الوطنية للسلامة الطرقية “نارسا” على تسريع وتيرة معالجة ملفات المواطنين وتمكينهم من الوثائق المطلوبة في آجال معقولة.
إن معالجة هذه الإشكالات لم تعد تحتمل التأجيل، فالأمر لا يتعلق فقط بتأمين قانوني، بل بحق دستوري في التنقل وكرامة المواطن.٠

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
ر

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock