مجتمع

تعيين الجنرال عبد الله بوطريج على رأس المديرية العامة لأمن أنظمة المعلومات: رهان استراتيجي لتعزيز سيادة المغرب الرقمية

مكتب القنيطرة /عزبز منوشي

يشكل التعيين الملكي للجنرال عبد الله بوطريج مديراً عاماً للمديرية العامة لأمن أنظمة المعلومات (DGSSI) محطة بارزة في مسار ترسيخ مكانة المغرب كفاعل إقليمي وازن في مجال الأمن السيبراني. فالقرار الذي اتخذه جلالة الملك محمد السادس نصره الله وأيده، لا يقتصر على تغيير إداري على رأس مؤسسة استراتيجية، بل يعكس توجهاً سيادياً يروم تقوية قدرة الدولة على حماية فضائها الرقمي وضمان أمنه في مواجهة التهديدات المتنامية.

الأمن السيبراني: بعد جديد للأمن القومي
في ظل تسارع التحول الرقمي الذي يشهده المغرب والعالم، أضحى الأمن السيبراني جزءاً لا يتجزأ من الأمن القومي. الهجمات الإلكترونية لم تعد مجرد حوادث معزولة، بل صارت أداة في الحروب الهجينة، ووسيلة للتجسس والابتزاز والتأثير على الاقتصادات والسياسات العامة. لذلك، فإن حماية البنى التحتية الرقمية الحساسة، كالمؤسسات المالية والقطاع الطاقي والاتصالات والإدارات العمومية، أصبح رهاناً وجودياً لضمان استقرار الدولة وسيادتها.

بوطريج.. مسار يجمع بين التكوين والخبرة
الجنرال عبد الله بوطريج يختزل في مساره مزيجاً من التكوين الأكاديمي الرفيع والخبرة الميدانية المتراكمة. فهو مهندس متخرج من المعهد الوطني للإحصاء والاقتصاد التطبيقي (INSEA)، وخريج الأكاديمية العسكرية الملكية بمكناس دفعة 1987، كما حصل على دبلوم دورة الأركان ودورة الدفاع العالي، إلى جانب ماجستير في الأمن والدفاع من الكلية الملكية للدراسات العسكرية العليا.
وقد شغل مناصب قيادية مهمة، أبرزها مدير المساعدة والتدريب والمراقبة والخبرة بالمديرية العامة لأمن أنظمة المعلومات، ثم نائب مفتش الاتصالات بالقوات المسلحة الملكية، ما يمنحه رؤية شمولية حول رهانات الأمن الرقمي الوطني من زاوية عسكرية وتقنية في آن واحد.

المغرب ورؤية استراتيجية للأمن الرقمي
على مدى العقدين الماضيين، راكم المغرب تجربة رائدة في مجال حماية فضائه الرقمي، من خلال وضع إطار تشريعي وتنظيمي متطور، وإحداث هياكل متخصصة مثل المديرية العامة لأمن أنظمة المعلومات. ويأتي التعيين الجديد في لحظة دقيقة، حيث تتجه المملكة إلى تسريع الانتقال الرقمي، وتعزيز استخدام الذكاء الاصطناعي والحوسبة السحابية والخدمات الإلكترونية في قطاعات حيوية، ما يفرض الحاجة إلى قيادة بخبرة وكفاءة قادرتين على مواكبة التحديات.

دلالات التعيين الملكي
يحمل هذا التعيين عدة رسائل:

أولوية الأمن السيبراني ضمن أجندة الأمن الوطني.

الثقة في الكفاءات الوطنية، إذ يُعتبر الجنرال بوطريج نموذجاً لقيادة تجمع بين الرؤية الاستراتيجية والمعرفة التقنية.

الاستباقية في مواجهة التهديدات، من خلال تقوية البنية المؤسسية القادرة على التصدي للهجمات الإلكترونية.

نحو سيادة رقمية مغربية
إن تعيين الجنرال بوطريج يكرّس حرص جلالة الملك على تعزيز السيادة الرقمية للمغرب، أي قدرة الدولة على التحكم في فضائها المعلوماتي وإدارته بعيداً عن أي اختراق أو تبعية. وهذا خيار استراتيجي يعزز استقلالية القرار الوطني، ويقوي موقع المملكة كفاعل إقليمي في محيط مضطرب تتزايد فيه رهانات الحرب الرقمية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
ر

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock