فتاح عبو: إحياء التراث الأمازيغي على الساحة العالمية

في إطار…سفير الموسيقى الأمازيغية بين روعة الجبال وعالم القارات يُعدّ الفنان الأمازيغي المغربي فتاح عبو، المؤسس والرئيس لمجموعة أزا (AZA)، من أبرز الأسماء التي حملت الموسيقى الأمازيغية إلى الأفق العالمي، خاصة في الولايات المتحدة الأمريكية. وُلِد عام 1973 بدوار البرج بمنطقة إيسكساوان، قرب إمينتانوت في المغرب، ونشأ في بيئة غنية بالتراث الفني الأمازيغي الذي صقل ذوقه الثقافي والفني منذ الصغر. نشأته وتكوينه الفني نشأ فتاح عبو وسط أجواء موسيقية تقليدية تزخر بألوان فنية مثل فنون “أحواش”، “تاسكيوين”، و”الروايس”، التي لعبت دوراً أساسياً في تشكيل هويته الفنية. انطلق في مسيرته الإبداعية مبكراً، حين أسس فرقة “إمديازن” مع أصدقائه خلال سنوات الدراسة الإعدادية والثانوية، حيث كان يحيي تراث أجداده الموسيقي من خلال تقديم عروض متنوعة في المناسبات المحلية. بعد حصوله على شهادة جامعية في اللغة الإنجليزية من جامعة القاضي عياض بمراكش، انتقل في عام 2000 إلى الولايات المتحدة الأمريكية حيث اختار سانتا كروز في كاليفورنيا موطناً جديداً له. هناك، تعاون مع صديقه محمد أوالو لتأسيس فرقة أزا، وهي مشروع فني يمزج الموسيقى الأمازيغية التقليدية بالأدوات الحديثة مثل الساكسفون والبيانو، مما يُبرز تفاعلها المتناغم بين الأصالة والابتكار. فرقة أزا وإبداعها الفني تمثل فرقة أزا نموذجاً متقدماً لتطوير الموسيقى الأمازيغية بما يعكس اندماج الإيقاعات التراثية مع تأثيرات موسيقية عالمية مثل البلوز والجاز. تضم الفرقة أعضاء أمريكيين يتقنون اللغة الأمازيغية ويعزفون على آلات تراثية كالرباب و لوتار والناقوس. فتاح عبو استطاع أن يجعل ثقافة المغرب منفتحة على جمهور عالمي بأسلوب احترافي. منذ تأسيسها مطلع القرن الحالي، أطلقت الفرقة أربعة ألبومات موسيقية وشاركت في مجموعة واسعة من الحفلات داخل الولايات المتحدة وكندا وأوروبا والمغرب. تُعدّ أعمال الفرقة رسالة فنية تثقيفية تهدف إلى الحفاظ على التراث الأمازيغي مع تعزيز الإبداع والتجديد المستمر. نشر الثقافة من خلال التعليم إلى جانب نشاطه الفني، تولّى فتاح عبو منذ عام 2011 مهمة تدريس الموسيقى الأمازيغية لعشرات الطلاب الأمريكيين. بفضل هذا المشروع، بنى جسوراً ثقافية تتيح للعديد من الأفراد التعرف على عوالم الفن الأمازيغي العريق، من خلال تعلم آلات موسيقية مثل الرباب، واستكشاف اللغة والثقافة الأمازيغيتين. يشكل هذا الجانب من مسيرته إضافة نوعية ليس فقط للحفاظ على التراث الثقافي، بل أيضاً لتعزيز التنوع الثقافي وإحياء الهوية الأمازيغية وسط تحديات العولمة. رؤية ابتكارية للموروث الموسيقي يرى فتاح عبو أن الموسيقى الأمازيغية ليست مجرد إرث يُحفظ؛ بل هي فن حي يجسد حياة وثقافة شعب بأسره، حيث يجب أن تتفاعل مع الحاضر دون أن تفقد جوهرها. لذلك يعتمد نهجاً فنياً يمزج الإيقاعات التقليدية بالأنماط الحديثة كالجاز والبلوز، مع اهتمام خاص بالشعر الأمازيغي الثقيل الذي يُثري المضمون الفني للموسيقى. المشاركة العالمية والاعتراف الدولي كان فتاح عبو ضيفاً بارزاً في مهرجانات عالمية ومناسبات موسيقية مرموقة، منها مشاركته في مهرجان Pilgrimage بنيومكسيكو مع فرقة Santa Fe Desert Chorale، حيث قدّم الموسيقى الأمازيغية أمام جمهور دولي واسع. كما شارك في مقابلات إعلامية مع مؤسسات محلية ودولية، مؤكداً رؤيته لنقل الثقافة الأمازيغية إلى العالم بأسلوب عصري وجذاب. يُمثّل فتاح عبو صورة مشرقة للفنان الذي يدمج بين عبق الأصالة ورؤية الحداثة، مُكرّساً جهده للحفاظ على هوية وطنه وتعريف العالم بجماليات تراثه الموسيقي العريق، كسفير للموسيقى الأمازيغية .
بقلم: أحمد ليديب