الجسد كمسرح داخلي في العرض المرتقب لـ ‘إيغود “

في إطار… المسرح،الفن والجسد: تأملات فلسفية حول جوهر الإنسان تُبرز التأملات الفلسفية في مسيرة الفكر الإنساني العلاقة المتشابكة بين الجسد، الفن، والمسرح، حيث يُمثل الجسد حجر الأساس للكائن البشري في بُعده المادي، بينما يُعتبر الفن الوسيلة الأولى للتعبير عن عمق الروح الإنسانية. ويأتي المسرح ليكون الحيز الأمثل الذي تُجسد فيه هذه العلاقة، مُعبراً عن تجاذب المادة والروح، الذات والوجود، والمظهر والتجسد. ومن خلال أحداث التاريخ المتعاقبة، أعادت كل حقبة صياغة وفهم هذه القضايا بما يُلائم سياقاتها الفكرية والاجتماعية. الجسد: منبع التعبير ومنصة التفاعل الإبداعي تمثل فلسفات الجسد في المسرح الحديث رؤية شاملة للجسد باعتباره وحدة تجتمع فيها المادة والروح، حيث يحمل ذاكرة الإنسان بمختلف أبعادها، بدءًا من آلامه وصولًا إلى لحظات النجاح والأمل. والمسرح كفضاء إبداعي، يُبرز هذا الكيان دون قناع أو حجاب ليُجسد أعماق النفس البشرية بشكل حي ومباشر. الأداء المسرحي هنا يُصبح أكثر من فعل لحظي؛ إنه انعكاس حي لرحلة الإنسان الداخلية وما تحويه من تجارب ومشاعر. التفاعل الثلاثي بين النص، الممثل، والجمهور يحمل المسرح بُعدًا ديناميكيًا يتجاوز مجرد تحويل النصوص إلى صور مرئية؛ إنه عملية حيّة تستنطق الجسد وتُحييه ككيان نابض ينقل الرؤى والأفكار الإنسانية. وفي نفس الوقت، يشكل الجمهور جزءًا لا يتجزأ من هذه العملية من خلال تفاعله الحسي والعاطفي الذي يُثري العرض المسرحي بأبعاد جديدة. هذا الانسجام الثلاثي بين جسد الممثل، محتوى النص، واستقبال الجمهور يُثير تساؤلات فلسفية حول دور الجسد في توسيع فهمنا للوجود الإنساني. الجسد عبر التاريخ الفلسفي مرت الفلسفة بتطورات عميقة تتعلق بنظرتها إلى الجسد. عند أفلاطون، كان الجسد يُعتبر حائلاً أمام العقل في سعيه نحو الحقيقة المطلقة، ولكن مع عصر الحداثة تطورت تلك النظرة ليُنظر للجسد باعتباره جوهرًا يجمع بين الروح والمادة بطريقة تكاملية. ومع بزوغ النهج العلمي، اكتُسب الجسد بُعدًا ميكانيكيًا وأصبح مقرونًا بالحتميات الفيزيائية. هذه الرؤى المتنوعة تُعمق فهمنا لدور الجسد في تحقيق المعرفة وإثبات الوجود الإنساني عبر الزمن. المسرح كفضاء فلسفي وجمالي منذ أزمنة التراجيديا اليونانية وحتى اليوم، لعب المسرح دور الحاضنة الفكرية والجمالية حيث عُرضت صراعات الحياة الإنسانية وتداخلاتها بين القوى الروحية والطبيعية. في تلك الأعمال كان المسرح نقطة التقاطع بين الرمزي والمباشر، حيث عكَس تعقيد الفكر البشري. أما الآن فهو يُعيد صياغة التجربة البشرية بوسائل متعددة، تتسم بجاذبية الفن وعمق الفكر. الجسد كأداة للتواصل الحسي والاجتماعي وفق العديد من الدراسات الحديثة، يُجاوز الجسد وظيفته الفيزيائية ليُصبح وسيلة تعبير حيوية تُلامس النواحي الثقافية والاجتماعية، إذ تحمل حركات الوجه والإيماءات معانٍ ودلالات رمزية تعكس تنوع التجربة الإنسانية. ومن خلال فنون الأداء، يمكن للجسد أن يَعبُر الحدود الاجتماعية الراسخة ليُعيد تشكيل الصور النمطية ويبث الحياة في تجربة الإنسان بثوب جديد تمامًا. التوازن بين الفرد والجماعة في التعبير الفني التحدي الأكبر الذي يواجه الجسد في الفنون المسرحية هو المزاوجة بين التعبير الفردي للفنان وقضايا المجتمع ككل. هنا يظهر الجسد ليس فقط كمستودع للذات الفردية بل كمركز لفهم الواقع الاجتماعي وإعادة تشكيله بشكل يُعمق التحرر الجماعي ويُعمق التجربة المُشتركة. بحث دائم عن العلاقة بين الجسد والفن والمسرح تظل العلاقة التفاعلية بين الجسد والفن والمسرح مجالاً خصباً للتساؤلات الفلسفية التي تُسلط الضوء على الترابط بين الكيان المادي والأبعاد الروحية للإنسان. ومن خلال هذه العلاقة يقف الفنان كمُجسد للرؤية الوجودية بأبعادها المتعددة، فيما يحاكي المسرح تعطُّش الإنسان اللا واعي للتعب.
في انتظار العرض ما قبل الاول لمسرحية إيغود لمحترف اكادير.يوم الجمعة 19 شتنبر 2025 بقاعة ابراهيم الرضي بمقر جماعة اكادير على الساعة 20h00.
بقلم:أحمد ليديب