الفاعل الاقتصادي والسياسي عبد الرحمن سرود: مطالب الحركة الشبابية “زد” مشروعة.. والإصلاح يتطلب الوقت والاستمرارية

تعيش الساحة الوطنية خلال الآونة الأخيرة على وقع تحركات مجتمعية لافتة، جسدتها الحركة الشبابية “زد” التي رفعت شعارات تدعو إلى تحسين الأوضاع الاجتماعية، وعلى رأسها التعليم والصحة، في ظل تزايد وعي المواطن المغربي بأهمية تجويد الخدمات العمومية وتحقيق العدالة المجالية والكرامة الاجتماعية.
وبين من يرى في هذه التحركات فرصة تاريخية لإعادة ترتيب الأولويات التنموية، ومن يحذر من بعض الانزلاقات التي رافقت بعض الاحتجاجات، يظل النقاش مفتوحا حول سبل الإصلاح، وحدود المسؤولية، ودور الحكومة والمجتمع في بناء مغرب الإنصاف والمواطنة الفاعلة.
في هذا الإطار، استقت الجريدة آراء السيد عبد الرحمان سرود، الفاعل الاقتصادي والسياسي والرئيس السابق للغرفة الأطلسية الوسطى بأكادير وعضو حزب التجمع الوطني للأحرار، حول هذه الدينامية المجتمعية الجديدة، وحول مطالب الحركة الشبابية “زد”، وكذا تقييمه لجهود الحكومة في مواجهة التحديات الهيكلية التي تعرفها القطاعات الاجتماعية، وخاصة التعليم والصحة.
وقد أكد السيد سرود أن من حق كل مواطن التعبير عن رأيه والمطالبة بحقوقه بطريقة سلمية، وهذا مكفول بمقتضى دستور المملكة، مبرزا أن الحركة الشبابية “زد” هي تعبير عن حيوية المجتمع المدني المغربي، وعن وعي المواطنين بقضاياهم، خصوصا في مجالات حساسة كالصحة والتعليم، واعتبر أن هذه المطالب مشروعة تماما، وهي نابعة من تراكمات طويلة، وتستلزم معالجة شاملة وتشاركية.
وعن موقفه من بعض أعمال العنف والتخريب التي تزامنت مع الاحتجاجات، عبر الفاعل الاقتصادي والسياسي عبد الرحمن سرود عن رفضه وإدانته الشديدين لأي عمل تخريبي أو سلوك خارج عن الطابع السلمي، موضحا أن الاحتجاج السلمي حق مشروع، لكن لا يمكن القبول بتحويله إلى فوضى أو المساس بممتلكات عامة وخاصة، فالدولة والمجتمع، يوضح السيد سرود، يتحملان معا مسؤولية الحفاظ على الطابع الحضاري لأي حركة احتجاجية، ومن الضروري عزل من يسعون لتوظيف هذه المطالب لأغراض غير سلمية أو تخريبية.
وفي سؤال للسيد سرود حول ما إذا كانت احتجاجات الصحة والتعليم تعكس فشل السياسات الحكومية، وخاصة حكومة أخنوش، اعتبر أنه لا يمكن إنكار وجود مشاكل تراكمية في قطاعي الصحة والتعليم تعود إلى سنوات، بل إلى عقود من التدبير، وهذه المشاكل لا يمكن، حسب رأي السيد سرود، حلها بين ليلة وضحاها، حيث أوضح أن حكومة السيد عزيز أخنوش في المقابل، ومنذ توليها المسؤولية، أطلقت عددا من الأوراش الإصلاحية الكبرى، كبرنامج أوراش، وتعزيز المنظومة الصحية في أفق تعميم الحماية الاجتماعية، ومخططات لإعادة تأهيل التعليم عبر تحسين البنية التحتية وتكوين الأطر.
وأكد السيد سرود أن هناك إرادة إصلاح حقيقية ومسار بدأ يعطي ثماره، وأن هذا يتطلب بعض الوقت والاستمرارية، معبرا عن تفاؤله حول مستقبل العلاقة بين المجتمع والدولة على ضوء هذه الاحتجاجات، حيث أن ما حدث يُظهر، حسب رأيه، أن المواطن المغربي أصبح أكثر وعيا، ويطالب بحقوقه بطريقة ناضجة، وأن المؤسسات الرسمية بدأت تُظهر تجاوبا مع هذا الصوت، من خلال محاولات التفسير والتواصل وتقديم الحلول.
وشدد الفاعل الاقتصادي والسياسي عبد الرحمن سرود على أن الأهم الآن هو تحويل هذه اللحظة إلى فرصة لبناء الثقة، عبر الحوار الصريح، والاستماع الفعلي للمواطن، والعمل على تحقيق التغيير في الميدان، لا في الخطابات فقط، حيث أن الرهان اليوم، حسب رأي السيد سرود، هو أن تبقى هذه التحركات سلمية، حضارية، منظمة، وأن تترجم إلى شراكة حقيقية بين المواطن وصانع القرار، من أجل مغرب أكثر عدالة، وتكافؤا للفرص، وخاصة في الخدمات الأساسية كالصحة والتعليم.
وفي ختام حديثه وجه السيد سرود عدة رسائل للمواطنين، حيث حث كل مغربية ومغربي على عدم التنازل عن حقوقهم، ولكن المطالبة بها يجب أن تكون بطريقة حضارية وسلمية، لأن السلمية، حسب السيد سرود، هي قوة المغاربة، وهي التي تعطي للمطالب مشروعيتها، داعيا الجميع ليكونوا شركاء في الإصلاح، سواء كمواطنين، أو كمنتخبين، أو كفاعلين في المجتمع المدني… مبرزا أن الطريق ليس سهلا، ولكن الأمل كبير، والعمل الجاد سيوصل إلى نتائج إيجابية، لأن المستقبل، حسب السيد سرود، يبنى بالحوار، وبثقة متبادلة، وبإرادة جماعية وصادقة.