مقالات و آراء

الإعلام الوهمي: استغلال المآسي من أجل الشهرة والمكاسب”

في عالم الإعلام الرقمي الذي يعج بالمحتوى، يظهر البعض على أنهم “إعلاميون” أو “مؤثرون” يسعون لجذب الانتباه عبر استغلال المواقف الصعبة لأشخاص آخرين. سواء كان ذلك في تغطية الأزمات الصحية أو الحروب أو الكوارث الطبيعية، يقوم هؤلاء “الإعلاميون” بتصوير ونشر لحظات معاناة الآخرين دون إذن، بهدف زيادة التفاعل والشهرة على حساب كرامة الأفراد.
الكثير من الأشخاص الذين يدّعون أنهم إعلاميون يعتمدون على نشر الفيديوهات التي تعرض معاناة الآخرين في الأزمات، مثل الأشخاص المتضررين، لكن للأسف، كثيرًا ما يتم تصوير هؤلاء الأشخاص في ظروفهم الصعبة دون معرفتهم أو موافقتهم، مما يحول معاناتهم إلى مادة تجذب المشاهدات. الهدف هنا ليس تقديم مساعدة أو نشر الوعي، بل زيادة التفاعل والتربح الشخصي.
هذه الممارسات تتنافى مع المبادئ الأخلاقية الأساسية للإعلام، الذي يجب أن يلتزم بالشفافية واحترام حقوق الأفراد. بدلًا من أن يُستخدم الإعلام للتوعية أو لتحفيز الدعم الإنساني، يتحول إلى أداة استغلال تسهم في تفاقم معاناة الأشخاص بدلًا من تقديم يد العون لهم. علاوة على ذلك، يعاني الضحايا من آثار نفسية سلبية نتيجة التنمر الرقمي والفضول السلبي من المتابعين، مما يزيد من أعبائهم في وقت هم بأمس الحاجة للدعم النفسي والإنساني.
من المهم أن يكون هناك توعية إعلامية حول الأخلاقيات المتعلقة بالتغطية الصحفية في المواقف الإنسانية الصعبة. يجب على الجميع، سواء كانوا إعلاميين أو مؤثرين، أن يحصلوا على موافقة مسبقة من الأفراد المعنيين قبل نشر أي محتوى متعلق بحياتهم أو معاناتهم. إضافة إلى ذلك، يجب أن تتوافر تشريعات قانونية تحمي الأفراد من هذا النوع من الاستغلال.
استغلال الأشخاص في ظروفهم الصعبة لا يمكن أن يكون مبررًا، حتى لو كانت النية هي جذب المشاهدات أو التفاعل. على الإعلام أن يعود إلى دوره الأساسي: نقل الحقيقة بشفافية واحترام، مع الحفاظ على حقوق الأفراد في الخصوصية والكرامة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
ر

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock