الأراضي السلالية ببوقنادل… ثروة جماعية تحت التهجير وصمت الجهات الوصية

مكتب القنيطرة/عزيز متوشي
تعيش جماعة بوقنادل بسلا على وقع توترات متزايدة بسبب تفاقم ملف الأراضي السلالية، الذي تحوّل خلال السنوات الأخيرة إلى واحد من أكثر الملفات إثارة للجدل، في ظل ما يعتبره ذوو الحقوق “تهجيراً مقنّعاً” واستهدافاً لملك جماعي تُدبّره أيادٍ خارجية دون إشراك فعلي للمالكين الأصليين.
تهميش ذوي الحقوق وقرارات فوقية
يؤكد عدد من أبناء الجماعات السلالية أن قرارات التحديد والانتفاع والتفويت تُتَّخذ في “غرف مغلقة”، بعيداً عن أي إشراك حقيقي لممثلي الساكنة، مما فتح الباب أمام ضبابية كبيرة حول مصير مساحات شاسعة من الأراضي التي تعتبر إرثاً تاريخياً للقبائل.
ويشير هؤلاء إلى أن الكثير من الإجراءات تتم بسرعة غير مفهومة، بينما يتأخر إبلاغ ذوي الحقوق أو يُقصون نهائياً من النقاش حول مستقبل أراضيهم.
استغلال مضاربي وسباق على العقار
تحول جزء من الأراضي السلالية ببوقنادل إلى مجال مفتوح أمام سماسرة العقار، الذين يستغلون الثغرات القانونية وغياب المراقبة للضغط على ممثلي السلاليين أو تقديم وعود وهمية، في وقت يشكو فيه السكان من محاولة تفويت أراضٍ بأثمان “لا تعكس قيمتها الحقيقية”.
ويؤكد عدد من المتتبعين أن قرب المنطقة من الرباط وسلا، بالإضافة إلى توسع المشاريع العقارية، جعلها هدفاً مغرياً للمضاربين، مما خلق ضغطاً غير مسبوق على الأراضي الجماعية.
تهجير غير معلن للسكان
ترى فعاليات حقوقية أن ما يجري اليوم في بوقنادل يشبه “تهجيراً غير معلن”، بعدما أُجبر عدد من الأسر على مغادرة أراضي أجدادهم بسبب تضييق المساحات الرعوية والفلاحية، أو بسبب مشاريع عمرانية لم يُستشار بشأنها أحد.
ويعتبر هؤلاء أن السلاليين يُدفعون نحو التخلي عن أراضيهم تحت غطاء التنمية، بينما المستفيد الحقيقي يبقى جهات نافذة وسماسرة العقار.
غياب الشفافية وصمت الجهات الوصية
في المقابل، تتساءل الساكنة عن غياب الوصاية في مراقبة كيفية تدبير هذه الأراضي، خاصة في ظل غياب نشر لوائح ذوي الحقوق أو نتائج الاجتماعات أو تفاصيل عمليات التفويت والتحديد الإداري.
ويرى حقوقيون أن “الصمت الرسمي” هو ما شجع الكثير من التجاوزات، مطالبين بفتح تحقيق شامل وضمان مشاركة فعلية للسلاليين وفق القانون 62.17 المنظم لأراضي الجموع.
دعوات لوقف النزيف وإعادة الاعتبار للسلاليين
وسط هذا الوضع، ترتفع أصوات محلية تطالب بـ:
تجميد أي عملية تفويت أو استغلال مشبوه.
نشر قوائم ذوي الحقوق بشكل شفاف.
إشراك فعلي للسلاليين في اتخاذ القرار.
فتح تحقيق حول المستفيدين الحقيقيين من الأراضي التي تم تفويتها أو تغيير صبغتها.
حماية حق السلاليين في الاستفادة من ثرواتهم الجماعية قبل أي مشروع.
ختاماً، يبقى ملف الأراضي السلالية في بوقنادل قنبلة موقوتة، ما لم تتحرك وزارة الداخلية والجهات المعنية لقطع الطريق أمام لوبيات العقار، وإعادة الاعتبار للمالكين الأصليين الذين يرون اليوم إرث أجدادهم يتلاشى أمام أعينهم.



