منوعات

: زيارة “علماء الشام” لمخيمات البوليساريو… محاولة تلميع ديني لارتباط سياسي مشبوه

مكتب القنيطرة/عزيز منوشي

الزيارة التي استقبلت فيها جبهة البوليساريو وفداً دينياً لبنانياً–سورياً ليست حدثاً عفوياً، ولا مبادرة أكاديمية كما حاول إعلام الجبهة تسويقها. بل هي خطوة جديدة في مسلسل طويل من محاولات التغطية على الارتباط المتزايد بين البوليساريو ومحور طهران – بيروت، وهي علاقة تتأكد اليوم بأدلة دامغة لا تقبل التأويل.

. محاولة خطيرة لإعادة إنتاج واجهة دينية لارتباط سياسي

البوليساريو حاولت تقديم الزيارة بلبوس “علمي–ديني”، لكن أسماء أعضاء الوفد ومرجعياتهم تكفي لكي تسقط ورقة التوت بسرعة. فالشيخ حديد خلف الدرويش، أبرز وجوه الوفد، هو شخصية معروفة بمواقفه الموالية صراحة لحزب الله وإيران، وقد سبق أن مجّد حسن نصرالله وشكر الجمهورية الإسلامية على دعمها للنظام السوري.

هل يمكن اعتبار حضور مثل هذه الشخصيات “زيارة دينية” فعلاً؟ الجواب واضح: لا.

تندوف تتحول إلى نقطة ارتكاز لنفوذ إيراني في شمال إفريقيا

المثير أن هذه ليست الزيارة الأولى من نوعها، ولن تكون الأخيرة. تحركات ممثلي البوليساريو في لبنان وسوريا، واستقبال وفود دينية وسياسية تدور في فلك الحرس الثوري الإيراني، تؤكد أن تندوف لم تعد مجرد مخيمات، بل تحولت إلى بؤرة سياسية مفتوحة أمام مشروع التمدد الإيراني.

ومثلما استعملت إيران الحوثيين في اليمن وحزب الله في لبنان والميليشيات في العراق وسوريا، فهي اليوم تجد في البوليساريو أداة جاهزة للتمدد غرباً نحو الساحل والصحراء.

. ازدواجية الموقف الجزائري… دعم لحلفاء طهران داخل تندوف، وتصويت ضد الحوثيين في نيويورك

التناقض الصارخ يظهر هنا:

الجزائر التي صوّتت قبل أسابيع في مجلس الأمن لصالح قرار يدين الحوثيين، تسمح في نفس الوقت بتدفق وفود مؤيدة لحزب الله داخل مخيمات تحتضنها وتمولها وتشرف عليها.

كيف يمكن لدولة تدّعي “الوقوف ضد النفوذ الإيراني” أن تفتح أراضيها أمام شبكات تدور في فلك إيران؟

هذا التناقض يكشف ما هو أبعد من مجرد ارتباك ديبلوماسي: إنه ازدواجية منهجية في خدمة أهداف سياسية ضيقة مرتبطة بملف الصحراء.

. البوليساريو… من حركة انفصالية إلى حلقة داخل منظومة التمدد الإيراني

كل المؤشرات تؤكد أن البوليساريو خرجت منذ سنوات من إطار “حركة انفصالية محلية”، لتتحول تدريجياً إلى وكيل جديد للمحور الإيراني في شمال إفريقيا:

استقبال وفود موالية لطهران

لقاءات علنية في بيروت ودمشق

نشاطات دينية وسياسية بواجهة ناعمة

تصريحات تُمجّد أطرافاً متورطة في صراعات الشرق الأوسط

هذه ليست صدفة ولا مبادرة معزولة، بل حلقة ضمن مشروع إقليمي أكبر.

. مخاطر إقليمية حقيقية… والصمت الدولي يزيد الوضع خطورة

إن دخول لاعبين مرتبطين بالحرس الثوري الإيراني إلى منطقة الساحل والصحراء عبر بوابة تندوف يفتح الباب أمام سيناريوهات أمنية خطيرة:

تقاطع مع شبكات تهريب السلاح

احتكاك مع جماعات متطرفة تنشط في الحدود

إمكانيات تأثير على استقرار المغرب العربي برمته

ومع ذلك، تستمر الجزائر في التغطية على هذه التحركات بدافع حساباتها ضد المغرب، غير مدركة—or غير مكترثة—بأنها تفتح المجال لقوى خارجية لزرع موطئ قدم في منطقة شديدة الحساسية.

خلاصة النقد

الزيارة الأخيرة ليست مجرد حركة رمزية، بل هي دليل إضافي على:

انزلاق البوليساريو نحو محور طهران – بيروت

ازدواجية الجزائر بين خطابها الأممي وتحركاتها على الميدان

تحول تندوف إلى مكان قابل للاختراق من طرف مشاريع إقليمية معادية للاستقرار

إنها خطوة جديدة في سياق مشبوه، تكشف أكثر مما تخفي، وتفضح حجم التناقضات التي تحكم سياسة الجزائر تجاه المنطقة، وتؤكد أن الجبهة أصبحت بالفعل منصة في خدمة مشروع إيراني أوسع.

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
ر

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock