باحثون من داخل المغرب وخارجه يجتمعون لبحث آفاق الاجتهاد المقاصدي وتحديات العصر

تواصلت يوم الخميس 4 دجنبر 2025 بالكلية المتعددة التخصصات بالرشيدية أشغال المؤتمر العلمي الدولي حول الاجتهاد المقاصدي وتجديد الفقه الإسلامي في السياق المعاصر، في أجواء اتسمت بكثافة الحضور وتنوع المداخلات، حيث امتلأت القاعة بالباحثين والطلبة والمهتمين.
وقد شكل هذا الموعد العلمي مناسبة لاستحضار أهمية المقاصد الشرعية في تجديد التفكير الفقهي ومواكبة التحولات الاجتماعية والاقتصادية والتكنولوجية والطبية التي يشهدها العالم، من خلال ستة محاور كبرى قاربت الأسس النظرية والتطبيقات المعاصرة والآفاق المستقبلية للاجتهاد.
وانطلقت أعمال اليوم بالجلسة العلمية الرابعة التي تناولت الاجتهاد المقاصدي في التقدم التكنولوجي والطبي، برئاسة الدكتور الحبيب عيادي؛ وقدم خلالها الأستاذ علي سعاعو مداخلة حول دور المقاصد في تعزيز الأمن الروحي داخل الفضاء الرقمي، فيما ناقش الدكتور عادل المعروفي الأدوات القانونية والاجتهادات المقاصدية في مواجهة جريمة التشهير الإلكتروني، وتوقف الدكتور هشام الهدار عند العلاقة بين فقه الضرورة والفكر المقاصدي، قبل أن يختتم الدكتور أحمد اسليماني الحسني الجلسة بعرض تناول أثر النظر المقاصدي في صياغة الفتاوى المعاصرة من خلال نماذج تطبيقية.
أما الجلسة الخامسة، التي ترأسها الدكتور المهدي بريمي، فقد تناولت التحديات الفكرية والتشريعية المرتبطة بالاجتهاد المقاصدي. واستعرض الدكتور البشير قصري الحاجة إلى اجتهاد مقاصدي سياسي يستجيب لمتغيرات الدولة الحديثة، بينما قدّم الدكتور عبد الصمد قزيبر قراءة في قاعدة اعتبار المآل وامتداداتها في الفقه السياسي، وناقش الدكتور محمد أيت علي مفارقات التيسير والتكليف في ضوء المقاصد، ثم قدم الأستاذان العراقيان سعدي خلف الجميلي وأحمد مرعي المعماري دراسة مشتركة حول أثر تقصيد العلوم الشرعية في التفكير العلمي، قبل أن يختتم الباحث أحمد الرزاقي الجلسة ببحث حول التخريج الأصولي وتنزيلاته المقاصدية عند المالكية.
وتواصلت الجلسات العلمية بوقفة منهجية وحضارية في الجلسة السادسة برئاسة الدكتور محمد أسعد، حيث تطرق الأستاذ فارح رضوان إلى الاجتهاد المقاصدي في نوازل الأقليات المسلمة ومشاركته في تعزيز الحوار والتعايش، بينما ركز الدكتور الحسن سعداني على ضرورة دمج الفكر المقاصدي في بناء المناهج التعليمية، وقدّم الدكتور رشيد ترفاس رؤية تأصيلية حول التنمية المستدامة في ضوء مقاصد الشريعة، أعقبها عرض للأستاذ يونس اليماني حول المشترك الإنساني وبناء جسور التعايش الحضاري، قبل أن يقدم الدكتور عبد العلي بطرشي قراءة في التحديات العالمية التي تواجه الاجتهاد المقاصدي وإمكاناته في الإسهام في أفق إنساني مشترك.
وقبل اسدال الستار على أطوار المؤتمر، أقيمت جلسة تفاعلية، شارك فيها الطلبة بطرح أسئلة دقيقة حول موضوعات الاجتهاد المقاصدي وقضاياه الراهنة، وقد أجاب الأساتذة المحاضرون عنها بإضاءات علمية عميقة أغنت مجريات المؤتمر.
واختتمت أعمال اليوم بالجلسة الختامية التي ترأسها الدكتور محمد الحفظاوي، حيث تمت تلاوة التقرير الختامي وتقديم التوصيات، إضافة إلى توزيع شواهد المشاركة على الباحثين والأساتذة، قبل أن تُختتم الفعاليات بتلاوة آيات بينات من القرآن الكريم.
وخلصت توصيات المؤتمر إلى ضرورة تعزيز الحضور الإعلامي لفعالياته، خاصة عبر قناة الكلية، وتكثيف العناية بالمسالك الاجتهادية المؤثرة في صناعة الفتوى، مع التشجيع على البحث والتأليف في الفكر المقاصدي، والدعوة إلى تجديد الاجتهاد المرتبط بفهم النصوص ومراعاة مقاصد الشريعة استجابة لقضايا العصر، كما أوصى المشاركون بطبع أعمال المؤتمر.
وكان اليوم العلمي مناسبة للتأكيد على أن الاجتهاد المقاصدي يشكل مسلكا مركزيا في تجديد الفقه الإسلامي وإعادة وصل المعرفة الشرعية بأسئلة الواقع المتجدد.







