المعاناة في الحصول على أموال الفئات الهشة: حين يتحول “المؤشر” إلى أداة إقصاء

مكتب القنيطرة/عزيز منوشي
تعيش فئات واسعة من المواطنين في وضعية هشاشة اجتماعية واقتصادية خانقة، تعاني في صمت من أجل تأمين أبسط شروط العيش الكريم. ورغم إطلاق برامج الدعم الاجتماعي بهدف مساعدة المحتاجين، إلا أن واقع الاستفادة يكشف عن اختلالات عميقة، جعلت عدداً كبيراً من الأسر المستحقة خارج دائرة الدعم بسبب ما يُعرف بـ“المؤشر”.
فمن بين الإكراهات التي تواجهها هذه الفئات، اعتماد معايير تقنية لا تعكس الواقع الحقيقي للأسر، مثل تسجيل عدة أشخاص في نفس العنوان، أو افتراض امتلاك وسائل العيش الحديثة كالهاتف أو السيارة، وهو ما يؤدي تلقائياً إلى ارتفاع المؤشر وإقصاء الأسرة من الدعم، حتى وإن كانت تعيش الفقر والحرمان.
ويتساءل المتضررون: هل من المعقول أن يُحرم مواطن من حقه في الدعم لأنه يمتلك هاتفاً بسيطاً أو يعيش في منزل مشترك مع أفراد آخرين؟ وهل المطلوب من الأسر الهشة أن تعيش دون أي وسيلة تواصل أو نقل، وكأنها مطالبة بالعودة إلى زمن الخيام والبغال، حتى تُعترف بمعاناتها؟
إن هذه المقاربات التقنية الجامدة لا تراعي الواقع الاجتماعي، ولا تأخذ بعين الاعتبار التحولات التي يعرفها المجتمع، حيث أصبح الهاتف مثلاً ضرورة وليس ترفاً. كما أن السكن المشترك غالباً ما يكون نتيجة الفقر نفسه، لا دليلاً على الرفاه.
أمام هذه الوضعية، تبرز الحاجة الملحة إلى مراجعة شاملة لمعايير الاستفادة من برامج الدعم الاجتماعي، واعتماد مقاربة إنسانية عادلة، تقوم على البحث الميداني والاستماع إلى معاناة المواطنين، بدل الاكتفاء بأرقام ومؤشرات لا تعكس الحقيقة.
فالفئات الهشة لا تطلب امتيازات، بل تطالب فقط بحقها في العيش الكريم، دون إقصاء أو تهميش، ودون أن يُطلب منها التخلي عن أبسط مقومات الحياة لإثبات فقرها.



