مركز حقوق الإنسان بأمريكا الشمالية يدين مقتل الطفل محمد بويسلخن ويطالب بتحقيق قضائي مستقل

مكتب القنيطرة/عزيز منوشي
يعرب مركز حقوق الإنسان بأمريكا الشمالية عن بالغ صدمته وإدانته الشديدة للجريمة الخطيرة التي أودت بحياة الطفل القاصر محمد بويسلخن، البالغ من العمر 15 سنة، بتاريخ 16 يونيو 2025، في ظروف يكتنفها الاشتباه القوي في القتل العمد مع طمس الأدلة، وذلك بقرية آيت زعرور التابعة لقيادة أغبالو، عمالة ميدلت.
إن الضحية، الذي حُرم من حقه الدستوري في التعليم ودُفع قسرًا إلى سوق الشغل في سن الطفولة لإعالة أسرته التي تعيش أوضاعًا اجتماعية هشة، عُثر عليه جثةً في مكان رعيه في وضعية مُفبركة توحي زورًا بالانتحار. إذ تم تثبيته على عمودين خشبيين هشّين، جاثيًا على ركبتيه، في مشهد يتناقض كليًا مع أبسط المعايير الطبية والجنائية المعتمدة في توصيف حالات الانتحار.
ورغم خطورة هذه المعطيات، بادرت مصالح الدرك الملكي إلى تحرير محضر يُكيّف الواقعة على أنها حادث انتحار، وتم السعي إلى طيّ الملف في محاولة واضحة لطمس الحقيقة وإغلاق القضية خارج أي مسار قضائي جدي. وبعد مرور عشرة أيام، جرى تداول صور من مسرح الواقعة تُثبت، بما لا يدع مجالًا للشك، أن الأمر يتعلق بجريمة قتل جرى إخراجها في شكل انتحار.
وبفضل الضغط والنضال الحقوقي الذي قادته اثنا عشر فرعًا من فروع الجمعية المغربية لحقوق الإنسان بجهتي درعة–تافيلالت وخنيفرة–بني ملال، اضطرت النيابة العامة لدى محكمة الاستئناف بالرشيدية إلى إعادة تكييف القضية من “انتحار” إلى جريمة قتل عمد، وإحالتها على قاضي التحقيق. غير أن مسار التحقيق، إلى حدود الساعة، يعرف تعطيلاً غير مبرر وتمطيطًا يثير شبهة التواطؤ المؤسسي.
ويحمّل مركز حقوق الإنسان بأمريكا الشمالية الدولة المغربية كامل المسؤولية القانونية والسياسية عن أي طمس للحقيقة في هذه القضية، ويعتبر أن هذه المسؤولية تشمل، على الخصوص:
مصالح الدرك الملكي ببومية (عمالة ميدلت)،
السلطة المحلية بقيادة أغبالو،
النيابة العامة بكل من ميدلت والرشيدية، التي كانت على اطلاع على معطيات الواقعة منذ لحظاتها الأولى،
والطبيب الشرعي الذي أنجز التشريح الأول بمستشفى الرشيدية، في ظل منع أسرة الضحية من الاطلاع على تقرير التشريح، بما يعزز الشكوك حول مسايرته لرواية الانتحار غير المؤسسة علميًا.
وانطلاقًا من المرجعيات الدولية لحقوق الإنسان، ولا سيما اتفاقية حقوق الطفل ومبادئ مينيسوتا بشأن التحقيق في حالات الوفاة التي يُحتمل أن تكون غير مشروعة، يطالب مركز حقوق الإنسان بأمريكا الشمالية بما يلي:
فتح تحقيق قضائي مستقل، محايد، نزيه وفعّال، وفق المعايير الدولية، يكشف الحقيقة كاملة دون انتقائية أو حماية لأي طرف.
محاسبة جميع المتورطين، المباشرين وغير المباشرين، في جريمة القتل وفي طمس الأدلة والتلاعب بتكييف الواقعة، دون الاكتفاء بتقديم أكباش فداء.
الوقف الفوري لكل أشكال التأثير أو الضغط على الشهود، خاصة في ظل تداول اسم مشتبه فيه يتمتع بحماية غير مبررة ويواصل التواصل مع محيط الشهود، في خرق سافر لمبدأ المساواة أمام القانون.
تمكين أسرة الضحية، فورًا ودون قيد أو شرط، من نسخة كاملة من تقرير التشريح الأول، مع إعادة التشريح عند الاقتضاء من طرف لجنة طبية مستقلة.
الاستماع الإلزامي من طرف قاضي التحقيق إلى عناصر الدرك الملكي ببومية، وقائد قيادة أغبالو، وأعوان السلطة بقرية آيت زعرور.
تحميل الدولة المغربية مسؤوليتها في تفشي ظاهرة تشغيل الأطفال بالمناطق الهشة، واتخاذ إجراءات زجرية في حق مشغّلي الأطفال، وضمان الحق الفعلي في التمدرس والحماية الاجتماعية.
ويؤكد مركز حقوق الإنسان بأمريكا الشمالية أن الإفلات من العقاب في جرائم قتل الأطفال يُعد جريمة دولة، وأن استمرار الصمت أو التواطؤ المؤسسي يشكل انتهاكًا جسيمًا للحق في الحياة، وضربًا لثقة المواطنين في منظومة العدالة.
إن العدالة للطفل محمد بويسلخن ليست مطلبًا أخلاقيًا فحسب، بل التزام قانوني غير قابل للتفاوض.




