مقالات و آراء

السياسة العقابية لجريمة الخيانة الزوجية في التشريع و العمل القضائي الزجري

تمهيد:
نشير بداية إلى الأصل المرجعي لجريمة الخيانة الزوجية و عقوبتها الواردة فيمايلي :
بالنسبة للفصل 491 يشير الى أنه:
“يعاقب بالحبس من سنة إلى سنتين أحد الزوجين الذي يرتكب جريمة الخيانة الزوجية، ولا تجوز المتابعة في هذه الحالة إلا بناء على شكوى من الزوجة أو الزوج المجني عليه.
غير أنه في حالة غياب أحد الزوجين خارج تراب المملكة، فإنه يمكن للنيابة العامة أن تقوم تلقائيا بمتابعة الزوج الآخر الذي يتعاطى الخيانة الزوجية بصفة ظاهرة.”
فيما يشير الفصل 492 من ذات القانون الجنائي إلى مسألة التنازل عن الشكاية و اثره على المتابعة و المعاقبة فيمايلي :
“تنازل أحد الزوجين عن شكايته يضع حدا لمتابعة الزوج أو الزوجة المشتكى بها عن جريمة الخيانة الزوجية.
فإذا وقع التنازل بعد صدور حكم غير قابل للطعن،فإنه يضع حدا لأثار الحكم بالمؤاخذة الصادر ضد الزوج أو الزوجة المحكوم عليها.
و لا يستفيد مشارك الزوج ولا مشاركة الزوج مطلقا من هذا التنازل.”

لذا سوف نعرض الى مناقشة الفصول المنظمة في نصوصها الضيقة الخاصة و في قواعد العقاب العامة محاولين التوقف عند السياسة العقابية التي يمتلكها المغرب بين القانون الحالي و المشروع المرتقب و ذلك من خلال فقرتين اثنتين كمايلي:
– الفقرة الأولى:
ملاحظات عامة على الفصلين المقررين المعتمدين كأساس مرجعي لعقوبة الخيانة الزوجية بالتشريع الجنائي المغربي
– الفقرة الثانية :
السياسة العقابية في القانون الجنائي الحالي و المشروع المرتقب و مسألة التفريد الجنائي بخصوص جريمة الخيانة الزوجية

– الفقرة الأولى: ملاحظات عامة على الفصلين المقررين المعتمدين كأساس مرجعي لعقوبة الخيانة الزوجية بالتشريع الجنائي المغربي

ما يلاحظ في الفصلين الأخيرين أن المشرع تعامل بحسن نية حفاظا على تماسك الأسر و بالخصوص مصلحة الأبناء لأن بعض حالات الطلاق تكون مدمرة لمستقبل الأبناء.
بيد أن العقل الإجرامي قد يتكيف مع المادتين ويستغلهن في أمور أخرى لا علاقة لها بروح القانون.
و سأسرد هنا امثلة تحكي حالات تؤكد ما اسلفت ذكره و تعززه كمايلي :
– 1 – الحالة الأولى :

هي لوسيط دعارة متزوج أكثر من امرأة لغرض العمل بكل أريحية دون مضايقات بحيث تستطيع “زوجاته” مباشرة عملهن دون الخوف من المتابعة الأمنية و في حالة التلبس، فإن “الزوج” المفترض سيتنازل لهن حسب مقتضيات الفصلين السالفي الذكر.

إننا هنا أمام انتحال صفتي متزوجين و ينبغي ردع كل من سولت نفسه استغلال مؤسسة الزواج أسوأ استغلال.
ب- الحالة الثانية:

هي لزوج ضاقت به السبل و لجأ إلى الدفع بزوجته إلى ممارسة الرذيلة مقابل المال برضا و قبول الطرفين و يصبح من الصعب متابعته قانونيا في حالة عدم الاعتراف واثبات الوساطة و الحد من هذا النوع من الممارسات وغالبا من تكون الخيانة الزوجية في الأوساط الفقيرة مقرونة بالمساعدة المالية و ضعف همم الرجال.أما الحالة الأخيرة فتتركز على تبادل الزوجات،ففي هذه الحالة لا وجود للوساطة و إنما هناك نية الاستمتاع فقط و من الصعوبة تجريم هذا الفعل حسب الفصول قيد الدرس. كما أن معاقبة أحد الطرفين بخصوص نفس الجريمة فيه تمييز بين المواطنين علما أن الكل سواسية أمام القانون.
ولهذه الأسباب، ينبغي مايلي :
– أن يعاد النظر في المواد 490 و491 و 492
– و سد كل الذرائع التي تؤدي إلى الخيانة الزوجية
– و تجريم الفعل جرما قاطعا و إبعاد إمكانية التنازل
– و ليتحمل كل مذنب عواقب أفعاله.
و بذلك سننقص من هذا النوع من الجرائم.
كما أقترح أيضا مايلي :

– إضافة غرامة مالية إلى العقوبتين السالفتي الذكر قدرها خمسة ألف درهم يدفعها الذكور المتورطين في جريمة الفساد
– و أن تتضاعف الغرامة ضد كل من يزني مع امرأة متزوجة ،
– تخصص تلك الغرامة لفائدة مؤسسات رعاية الأبناء المتخلى عنهم و أبناء الأمهات العازبات حتى يتحمل كل ذي فعل نتيجة فعله .
و ذلك، لأن الأب هو المسؤول عن نفقة الأبناء و حتى لا تختلط الأنساب وأن لا تتسبب في مأساة نفسية و اجتماعية ضد هؤلاء الأبناء .
– الفقرة الثانية : السياسة العقابية في القانون الجنائي الحالي و المشروع المرتقب و مسألة التفريد الجنائي بخصوص جريمة الخيانة الزوجية
و نرتئي معالجة ذلك من خلال نقطتين وهما:
– السياسة العقابية لجريمة الخيانة الزوجية في القانون الجنائي المغربي الحالي.
– – التغليظ المقترح في مشروع القانون الجنائي المرتقب بخصوص عقوبة الخيانة الزوجية.
– أولا : السياسة العقابية لجريمة الخيانة الزوجية في القانون الجنائي المغربي الحالي
1- العقوبة السالبة للحرية والعقوبة المالية
أ- العقوبة السالبة للحرية
قرر المشرع الزجري المغربي لجريمة الخيانة الزوجية عقوبة مقيدة للحرية
معناه، الحبس للجريمة من سنة الى سنتين تاركا هامش التقدير للقضاء مابين أدنى هو سنة و اقصى مايمكن الحكم به و هو سنتين ،
وان كانت هناك جرائم مرتبطة بالمخدرات و السكر و مواد أخرى ممنوعة مثلا فإن العقوبة يتم تشديدها بتطبيق العقوبة الأشد و سيأتي شرح ذلك في حينه.
ب- العقوبة المالية
الى جانب العقوبة الحبسية يمكن للقضاء تقرير العقوبة المالية تبعا لما حدده المشرع الجنائي في مجموعة القانون الجنائي
و هي هنا في النص التشريعي الغرامة و القاضي مخير بين تطبيق العقوبتين المالية و الحبسية اما احداهما او جمعا بينهما مراعيا الأثر الذي خلفته الجريمة في نفسية المتضرر المجني عليه.
ويمكن للقضاء وقف تنفيذ العقوبة بعد الحكم بتلك العقوبات المقررة في النص موضع الذكر.
علما أن وقف التنفيذ: معناه أنه أحيانا رغم تمتيع القاضي المتهم بظروف التخفيف فان العقوبة تبقى قاسية بالنسبة اليه خصوصا ادا كان الأمر يتعلق بجريمة بسيطة وكان المجرم غير متعود على الأجرام، فهنا للقاضي أن يحكم بعقوبة لكن مع وقف تنفيذها، والادانة مع وقف التنفيذ هي سماح القاضي للمحكوم عليه بعدم تنفيذ العقوبة إذا ما هو احترم عددا من الشروط خلال فترة محددة. فقد خول المشرع للقاضي أن يأمر في الحكم الذي يصدره بعدم تنفيذ العقوبة على المحكوم عليه وذلك إذا ارتأى أن إدانة الجاني كافية لردعه وأن تنفيذ العقوبة ربما أتى بأثر عكسي سيما عقوبة الحبس التي قد تفسد بعض المذنبين الذين ارتكبوا الجريمة عن هفوة تم استيقظ ضميرهم وندموا على ما فعلوا، فمثل هؤلاء قد يكون من الحكمة عدم ارغامهم على العيش داخل السجن مع المجرمين المحترفين.
ويفهم من طبيعة النصوص الجنائية المغربية التي تطرقت الى وقف التنفيذ أنه ينطوي على معاملة عقابية حقيقية لأنه يشكل تهديد للمحكوم عليه خلال المدة المحكوم بها عليه بوقف التنفيذ حيث تنفذ في حقه إذا صدر عنه ما يجعله غير جدير بوقفها. اذن فالإدانة مع وقف التنفيذ هي إدانة جزائية ذات تنفيذ مشروط تنتهي بمضي مدة معينة على اعتبار:
أن كونها إدانة جزائية يعني تقييدها في السجل العدلي
وأن كونها إدانة ذات تنفيذ مشروط يعني انها معلقة من حيث التنفيذ على عنصر التردي ثانية في هاوية الإجرام خلال مدة التجربة وتحمل إدانته بالحبس أو بعقولة أشد من أجل جناية أو جنحة عادية.
وأنها إدانة تمحى نـهائيا بمرور فترة التجربة فالأمر إذا لا يتعلق لا يتعلق بإعفاء فقط وانما بمحو الإدانة من أصلها واعتبارها كأنها لم تكن.
وطبقا للمواد 55 و56 من القانون الجنائي المغربي، فشروط منح وقف التنفيذ الذي يبقى إجراء اختياري يمكن للمحكمة أن تمنحه أو لا تمنحه ولو توافرت شروطه القانونية، أن لا يكون الجاني قد سبق الحكم عليه بعقوبة حبسية أو أشد من اجل جناية أو جنحة عادية، كما يشترط في العقوبة المراد وقف تنفيذها أن لا تكون عقوبة حبسية أو جنائية.
وتجدر الاشارة هنا الى أن أثر وقف التنفيذ فانه لا يسري إلا على العقوبات الأصلية وحدها دون العقوبات الإضافية ولا على صوائر الدعوى والتعويضات المدنية أو فقدان الأهلية المترتبة عن الحكم الزجري.

2- التفريد الجنائي و سلطة القاضي التقديرية في تخفيف العقوبة وكذا تشديدها بخصوص جريمة الخيانة الزوجية

أول ما يمكن أن نشير اليه هنا و نحن بصدد تدخلات القضاء لافراد العقوبة الملائمة للخيانة الزوجية المشار اليها أعلاه هو تحديد معاني هذا التفريد تبعا لمايلي:
فالمشرع يستند عند تحديده لما يعد جريمة، وما يستوجب من جزاء على عدة معايير تتعلق بالقيمة الاجتماعية المعتدى عليها، وما أصابها من ضرر، وما تعرضت له من خطر، ونوع الخطأ الذي وقع في سبيل المساس بها.
والمشرع عند إنشاءه للجزاء درجه بحسب ظروف كل جاني، فيفترض تطبيق عقوبة أشد أو أخف من العقوبة العادية المقررة لنفس الفعل إذا وقع في ظروف معينة، فإنه كثيرا ما يترك للقاضي في ضوء الحدود الشرعية تطبيق القانون، وهو ما تبلورت ما صار يعرف ب’’ التفريد القضائي’’ ويعرف على أنه هو السلطة المناطة بالقاضي والتي تخوله، في حدود القواعد والمبادئ التي يقررها المشرع، الحكم بالعقوبة المناسبة للجريمة، أخدا بعين الاعتبار ظروف ارتكابها وكذا ظروف مرتكبها، لتكون محل اعتبار عند انزال العقوبة المناسبة.
وتقوم فكرة التفريد القضائي على أساس أن المرحلة الحقيقية لتحقيق التفريد هي مرحلة النطق بالحكم لا مرحلة وضع النص التشريعي الخاص بالجريمة،
فرغم جسامة الجريمة الواحدة أي كان سبب وقوعها إلا أن المشرع وضع لها عقوبة مرنة تتمثل في حد أدنى وحد أقصى يترك للقاضي سلطة الاختيار بينهما، فيحكم بأحدهما أو بما يتراوح بينهما. اللهم سوى ما استحال فيه ذلك كعقوبة الاعدام، وهو ما نهج عليه الاجتهاد القضائي، إذ جاء في أحد قرارات محكمة النقض أنه “من المقرر أن تقدير العقوبة أمر موضوعي لا سلطان عليه لمحكمة النقض، بشرط أن يكون في الحدود التي ضبطها القانون”
الا أن للقاضي أن ينزل عن الحد الأدنى للجزاء إذا وجدت ظروف مخففة، كما له أن يتجاوز الحد الأقصى اذا توفر ظرف مشدد.
وقبل التطرق لظروف التخفيف والتشديد على حدة، تجدر الاشارة الى أننا هنا نتحدث عن الظروف القضائية وليس القانونية، و وجه الاختلاف بينهما هو كون الظروف القانونية حددها المشرع، و تطبق متى وجدت ولا دخل للقاضي في ذلك، أما الظروف القضائية فليست محددة قانونا، بل تركت لحكمة القاضي و سلطته التقديرية.
ونستهل اذن بالتعريف بظروف التخفيف، وهي أسباب متروكة لتقدير القاضي، تخوله حق تخفيض العقوبة في الحدود التي عينها القانون وهي تتناول كل ما يحيط بماديات العمل الإجرامي في ذاته، ومنها شخص المجرم الذي ارتكب هذا العمل، ومن وقعت عليه الجريمة، و كيف وقعت هذه الجريمة. وعلى ذلك فهي كل الظروف والملابسات التي تحيط بالعمل الإجرامي، ومرتكبه والمجني عليه من ظروف وملابسات بلا استثناء،وهي عناصر أو وقائع عرضية تبعية تضعف من جسامة الجريمة و تكشف عن ضالة خطورة فاعلها و تستبيح تخفيف العقوبة الى أقل من حدها الأدنى أو الحكم بما يناسب تلك الخطورة، لذلك فإن المشرع الجنائي رغبة منه في إفساح المجال أمام القاضي لتفريد العقاب بما يتلاءم مع ظروف كل جريمة وكل جانٍ، قد خول القاضي الصلاحية للنزول بالعقوبة عن الحد الأدنى المقرر لها،تجنبا لوضع القاضي أمام خيار عسير،و هو اما الحكم بعقوبة قاسية على الجاني،أو الحكم ببراءته كليا.
ولم يحدد المشرع الأسباب التقديرية وسبب ذلك يعود إلى أن هذه الأسباب كثيرة جدا ومتجددة، بحيث لا يمكن الإحاطة بها كلها، كما أن القضاة يختلفون في نظرتهم إليها، وتتفاوت آراؤهم في تقديرها، ومن أجل ذلك ترك المشرع تقدير هذه الأسباب المخففة للقاضي دون أن يبين مضمونها أو يحدد حدودها. وهو ما ترك للممارسة القضائية ترسيخها من الناحية العملية، فنجد قرار المجلس الأعلى عدد 1355/2 الصادر بتاريخ 28/7/96 ينص على أن “منح ظروف التخفيف في إطار الفصل 146 من القانون الجنائي هو أمر يرجع للسلطة التقديرية لقضاة الموضوع ولا يخضع لرقابة المجلس الأعلى”. وكما جاء أيضا في قرار المجلس الأعلى عدد304 الصادر بتاريخ 19/1/1967 الذي أكد على “ضرورة البت في وجود ظروف التخفيف من عدمها من طرف محكمة الجنايات ولو تعلق الأمر بجنحة”

وقد تمت الإشارة لظروف التخفيف في القانون الجنائي المغربي في الفصل 146 الذي نص على أنه إذا تبين للمحكمة الزجرية بعد انتهاء المرافعة في القضية المطروحة عليها أن الجزاء المقرر للجريمة في القانون قاس بالنسبة لخطورة الأفعال المرتكبة أو بالنسبة لدرجة إجرام المتهم فإنها تستطيع أن تمنحه التمتع بظروف التخفيف إلا إذا وجد نص قانوني يمنع ذلك.

و لتبسيط التفريد الجنائي لجريمة الخيانة قيد الدراسة لابد من تقديم بعض الشروحات أخذا بأمثلة دالة على بعض مظاهر تخفيف العقوبة في القانون الجنائي المغربي:

أ – بالنسبة للعقوبات الجنائية :

الإعدام يعوض بالسجن المؤبد أو المؤقت من 10 سنوات إلى 30 سنة
السجن المؤبد يعوض بالسجن المؤقت من 10 سنوات إلى 30 سنة
السجن المؤقت الذي هو بين 5 سنوات و 10 سنوات يعوض بعقوبة الحبس من سنة إلى 5 سنوات.
الإقامة الإجبارية تعوض بالتجريد من الحقوق الوطنية أو الحبس من 6 أشهر إلى سنتين.

التجريد من الحقوق الوطنية يعوض بالحبس من 6 أشهر إلى سنتين أو بالحرمان من بعض الحقوق الوطنية الواردة في الفصل 26 من ق.ج.
تكون المحكمة الجنائية مخيرة ادا كان الحد الأدنى المقرر للعقوبة عشر سنوات بين أن تستبدل العقوبة المقررة بعقوبة تتراوح بين خمس سنوات وعشر، وبين تخفيضها الى عقوبة حبسية من سنتين الى خمس سنوات.
إذا كانت ظروف التخفيف في الجنايات تؤدي الى تخفيف العقوبة الأصلية لزوما فان هذا الالزام لا يمتد ليشمل العقوبات الإضافية كذلك. وهدا ما يستنتج من الفقرة الأخيرة من الفصل 147 من ق
كلما حكمت المحكمة الجنائية بعقوبة الحبس بدل السجن الذي حده الأدنى خمس سنوات أو عشر (الفقرات 3و4و5 من م 147 من ق.ج ) أو الإقامة الإجبارية م 148/1 من ق ج أو التجريد من الحقوق الوطنية م 148/2 من ق ج فإنها يمكنها أن تضيف عملا بالفقرة 7 من المادة 147 الى عقوبة الحبس في الحدود المقررة في الفقرات 3 و4و5 من المادة 147 والفقرتين 1و2 من المادة 148 من ق.ج غرامة يكون حدها الأدنى 200درهم وحدها الأعلى 1200 درهم والحرمان من واحد أو أكثر من الحقوق المشار اليها لافي الفقرتين 1و2 من الفصل 26 من ق وبالمنع من الإقامة لمدة تتراوح بين خمس سنوات وعشر.

ب -بالنسبة للعقوبات الجنحية:

يمكن تمييز فيما يهم العقوبات الجنحية بين العقوبات التأديبية والعقوبات الضبطية ويجري تخفيف كما يلي:
في الجنح التأديبية بما في ذلك حالة العود
يقع التخفيف بالنزول عن الحد الأدنى المقرر للحبس أو الغرامة على أن لا ينقص الحبس عن شهر واحد والغرامة عن 200 درهم ونزول القاضي هنا اختياري
في الجنح الضبطية بما في ذلك حالة العودة
يقع التخفيف بالنزول عن الحد الأدنى وبصفة جوازية للقاضي أيضا دون أن ينقص الحبس عن 6 أيام.
والغرامة عن 200 درهم. كما يقع الاقتصار على إحدى العقوبتين أو الحكم بالغرامة التي يمكن أن تصل إلى خمسة آلاف درهم بدل الحبس.

ج -بالنسبة لعقوبة المخالفات:

الذي يأخذ من نصوص المجموعة الجنائية أنه في المخالفات يمكن للقاضي الجنائي اتخاذ نوعين من التخفيف: طبقا للمادة 151 من ق.ج يستطيع القاضي الذي ثبت لديه توفر الظروف المخففة أن ينزل بعقوبتي الاعتقال والغرامة إلى الحد الأدنى المقرر للمخالفات وهو يوم واحد للاعتقال وخمسة دراهم للغرامة، كما يجوز له أن يحكم بالغرامة عوضا عن الاعتقال في الحالة التي يكون فيها الاعتقال مقررا في القانون.
وحسب نصوص القانون الجنائي المغربي فان مجال تطبيق نظام ظروف التخفيف ليس خاص بنوع دون آخر من المجرمين وإنما يطبق على الجميع وبدون استثناء، وتقرير ظروف التخفيف يتم من طرف قضاء الموضوع، الا أنه على مستوى نوع الجريمة فالملاحظ كون الممارسة القضائية مؤيدة من طرف الفقه، سارت في اتجاه الاقتصار على منح ظروف التخفيف في الجنايات، رغم أن المشرع لم يحصرها في الجنايات دون الجنح والمخالفات. وحجتهم في ذلك هو كون الحد الأدنى في هذه العقوبات أصلا منخفض بدرجة تغنينا عن اللجوء للتخفيف.
وتجدر الاشارة الى أنه تثار بعض الاشكالات تهم ظروف التخفيف، ولعل أبرزها:
إشكالية احتفاظ الجريمة بطبيعتها الأولية، أي تكييفها في التقسيم الثلاثي للجرائم، وذلك عند تطبيق ظروف تخفيف تنزل عن حد هذه الجريمة الأدنى. وانقسم الفقه هنا الى:
رأي أول يتشبث بالوصف القانوني للجريمة وبالتالي فلا يغير من وصف هذه الأخيرة أو طبيعتها أن يلحقها ظرف قضائي أو عذر قانوني مخفف.
رأي ثاني ذهب أنصاره الى القول بتغير وصف الجريمة مع التكييف القضائي الذي يكسبها إياه الحكم بعد استعمال الظرف المخفف لأن هذه العقوبة القضائية هي التي تحدد في الأخير الخطورة الحقيقية للجريمة.
أما الرأي الأخير فيذهب أنصاره الى التفرقة بين الأعذار القانونية، اذ أنه بعد اعمال العذر القانوني تصبح الجناية جنحة إذا عوقبت بعقوبة الجنحة، أما الظرف القضائي المخفف فلا يجيزون الأخذ به.
والمشرع المغربي حسم هذا الخلاف إذ أشار الى أن “نوع الجريمة لا يتغير إذا حكم بعقوبة متعلقة بنوع اخر من أنواع الجرائم لسبب مخفف.”
كما تطرح إشكالية تطبيق ظروف التخفيف في حال تعدد المشاركين في الخيانة الزوجية اذا ما اعتبرنا ان الشخص المشتبه به في الخيانة الزوجية هما شخصان غير متزوجان، وهو الإشكال الذي حسمه المجلس الاعلى سابقا محكمة النقض حاليا في احدى القرارات القضائية عندما قضت بأنه “ينظر بشأن ظروف التخفيف فيما يخص كل واحد من المتهمين على حدة لاختلاف كل واحد منهم عن الآخر.
ويتعرض للنقض القرار الذي يتضمن تنصيص جامع لكل المتهمين بشأن تمتيعهم أو عدم تـمتيعهم بظروف التخفيف.”
أما ظروف التشديد فهي الحالات التي يجوز فيها للقاضي أن يحكم بعقوبة من نوع أشد مما يقرره القانون للجريمة، أو يجاوز الحد الأقصى الذي وضعه القانون لعقوبة هذه الجريمة، وبصفة عامة هي عبارة عن بعض الأمور أو الخصائص أو الوسائل أو الملابسات التي يرى المشرع أن تخفيفها يوجــب أو يجيز تشديد العقاب المقرر أصلا للجريمة بدونها. وقد نص المشرع على أن ” تشديد العقوبة المقررة في القانون بالنسبة لبعض الجرائم ينتج عن ظروف متعلقة بارتكاب الجريمة او بإجرام المتهم”
فهل يمكن الحديث عن ظروف تشديد في تحديد عقوبة معينة تتلاءم وظروف ارتكاب الفعل الجرمي الذي أضر بالزوج الاخر؟.
في البدء نشير الى ان هناك ظروف تشديد معينة ينبغي اجمالها هنا كمايلي بشكل عام وهي:

ظروف عينية أو مادية: وهذه الظروف تتعلق بالملابسات العائدة للجانب المادي أو العيني في الجريمة، ككيفية ارتكابها، أو مكان اقترافها، أو زمن هذا الاقتراف، كما في جريمة السرقة المعاقب عليها بالحبس من سنة الى خمس سنوات وغرامة من مئتين الى خمسمائة درهم. الا انه في حالة توفر أحد ظروف التشديد كارتكابها ليلا او باستعمال مفاتيح مزورة او بواسطة الكسر او التسلق فان العقوبة تكون السجن من خمس الى عشر سنوات، وهو ما جاء في الفصل 505 و510 من ق.ج.
ظروف شخصية: وهي تلك التي تتعلق بصفات خاصة بشخص الجاني، أو بطبيعة علاقته بالمجني عليه، أو بدرجة جسامة خطئه العمدي أو غير العمدي كسبق الاصرار والترصد حيث تشدد جريمة القتل العمد من السجن المؤبد الى الاعدام في حالة ارتكاب هده الجريمة مع سبق الاصرار والترصد وهدا ما نص عليه في الفصل (393من ق ج) وتشديد هده العقوبة ناتج عن الخطورة التي يحملها الجاني والمتمثلة في تصميمه وعزمه المسبق على ارتكاب فعله.
وتجدر الاشارة الى أنه بخصوص الاشكال المتعلق باجتماع ظروف التخفيف وظروف التشديد بنفس النازلة، فقد جاء المشرع وحسم النزاع حينما نص في المادة 161 من ق.ج. على أنه ’’ في حالة اجتماع أسباب التخفيف وأسباب التشديد يراعي القاضي في تحديد العقوبة مفعول كل منهما على الترتيب الآتي:

– الظروف المشددة العينية المتعلقة بارتكاب الجريمة.
– الظروف المشددة الشخصية المتعلقة بشخص المجرم.
– الأعذار القانونية المتعلقة بارتكاب الجريمة والمخفضة للعقوبة.
– الأعذار القانونية المتعلقة بشخص المجرم والمخفضة للعقوبة.
– حالة العود.
فهاته الظروف المحددة أعلاه نجد ان النص القانوني لمعاقبة المتورطين في الخيانة الزوجية لم يشر اليها من قريب او من بعيد لكن يمكن للقاضي بموجب المقتضيات العامة اعلاه المنظمة لتفريد العقاب المناسب العودة اليها حسب ما تقتضيه ملابسات القضية و ظروفها سيما و ان المشرع اشار الى الظروف القضائية المخفضة بل اعطى المشرع للقاضي امكانية النزول عن الحد الادنى للعقوبة و هو أقل من سنة كحد أدنى مقرر في الفصل 492 من مجموعة القانون الجنائي .

– ثانيا : التغليظ المقترح في مشروع القانون الجنائي المرتقب بخصوص عقوبة الخيانة الزوجية

في النقاش الدائر حول العقوبات التي ينبغي ان تحضى بشمولها بالتعديلات الممكنة فقد اقترحت وزارة العدل تعديل القانون الجنائي لتغليظ عقوبة الخيانة الزوجية بفرض غرامة قدرها 2000 إلى 20000 درهماً مغربياً، بالإضافة إلى الحكم بالسجن.
و للإشارة فقد أبقى مشروع التعديل أيضاً على العقوبة الحالية بالنسبة لجريمة الفساد، بموجب الفصل 490، حيث كل علاقة جنسية بين رجل وامرأة لا تربط بينهما علاقة الزوجية، تكون العقوبة المقررة قانونا هي السجن لمدة تتراوح بين شهر واحد وعام واحد .
ناهيك عن إبقاء مشروع التعديل على تخفيف القانون الحالي للعقوبة المفروضة على الأزواج الذين يقتلون أو يصيبون أزواجهم المتلبسين بالخيانة الزوجية. وقد دافع وزير العدل علناً عن الإبقاء على أحكام “جرائم الشرف” في مجموعة القانون الجنائي المغربي.

و في ختام هذا المقال
نشير الى ان التكييف للفعل الجرمي الخيانة الزوجية يعد أهون على القضاء من التعامل العقابي اللازم اختياره متناسبا مع ذلك الفعل و ظروف الفعل و الفاعل مما يحتاج الى ذهنية عقابية قضائية حكيمة و محنكة اخذا بفلسفة العقاب سيما في ظل السياسة العقابية المعاصرة و ما اشارت اليه توصيات ميثاق اصلاح منظومة العدالة المغربي سنة 2013 .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
ر

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock