حنان رحاب : الاعلام الوطني و مفاهيم التشهير

أعتقد أن الحديث عن التشهير في الإعلام الوطني يقتضي في البداية تحديد المفاهيم، فما الذي نقصده بالتشهير؟ هل الأمر يتعلق بأخبار تخص شخصيات معينة “يمكن أن تكون غير دقيقة”، أم يتعلق بالسب والقذف تجاه شخصيات معينة؟ أو يتعلق بانتقادات لشخصيات معينة لمواقفها السياسية؟
لقد حدد قانون الصحافة والنشر بدقة في مادته الثالثة والثمانين، تعريف السب والقذف. فالأول يعني وفق منطوق هذه المادة كل تعبير شائن أو مشين أو عبارة حاطة من الكرامة، أما القذف فالمقصود به ادعاء واقعة أو نسبتها إلى شخص أو هيئة، إذا كانت هذه الواقعة تمس شرف أو اعتبار الشخص أو الهيئة التي نسبت إليه أو إليها.
كما أن القانون الجنائي في المادة 477 منه تمت الإشارة إلى التشهير، إذ تم التنصيص بشكل واضح على أنه يعاقب بالحبس من سنة واحدة إلى ثلاث سنوات وغرامة من 2.000 إلى 20.000 درهم، كل من قام بأي وسيلة بما في ذلك الأنظمة المعلوماتية، ببث أو توزيع تركيبة مكونة من أقوال شخص أو صورته، دون موافقته، أو قام ببث أو توزيع ادعاءات أو وقائع كاذبة، بقصد المس بالحياة للأشخاص أو التشهير بهم.
لماذا التذكير بهذه التعريفات والمواد القانونية؟ الجواب هو الاتفاق على معنى التشهير، الذي يعد خرقا لأخلاقيات مهنة الصحافة، تجنبا للسقوط في خطاب عام غير دقيق يصبح معه أي انتقاد لفاعلين حقوقيين أو مؤسساتيين معينين لأفكارهم السياسية أو نشر أخبارهم، عبارة عن “تشهير”، وهو الأمر غير السليم والذي ليس في صالح الممارسة الديمقراطية في شيء.
لا شك أن التشهير يعد إشكالية كبيرة تعانيها صحافتنا الوطنية، لكن سنكون مخطئين تماما اذا اعتبرنا أنه لا يمس إلا فئة واحدة من بعض الفاعلين السياسيين والحقوقيين يحب البعض أن يصفهم بالأصوات المعارضة، فالعديد من الصحافيين والفاعلين الحقوقيين والسياسيين كانوا عرضة لحملات تشهير ممنهجة والتي لم تدفع العديد من الزميلات والزملاء الواقفين وراء “المانيفستو” إلى التضامن معهم رغم بشاعتها. هؤلاء أيضا تعرضوا للسب والقذف واتهموا بالخيانة والتعامل مع جهات أجنبية والتلاعب في أموال عمومية والتسلط… الخ
هناك بعض الصحافيين في أول فرصة تختلف معهم في التقدير بشأن قضية معينة، حتى يبادروا إلى التشهير بك في مواقعهم وجرائدهم وهذا ما حصل معي مرارا وتكرارا، كما حدث مع زملاء وفاعلين حقوقيين آخرين والأمثلة في هذا الإطار عديدة ومتعددة.
فعندما يخبرنا موقع معين أن فلانة كانت مع فلان في نفس الغرفة بالفندق، ألا يعد هذا تشهيرا؟ دون أن نتحدث طبعا على الأثر النفسي لنشر خبر بهذا الشكل في البيئة المغربية. عندما نشير إلى ميول جنسي مفترض لضحية في ملف معين في تغطية إخبارية مرفقا بصورتها، ألا يعد ذلك تشهيرا؟ عندما نقود عبر شبكات التواصل الاجتماعي وفي مواقع الكترونية حملة ضد شخص متابع بتهمة اغتصاب وننشر صوره ونخرق مبدأ قرينة البراءة، ألا يعد ذلك تشهيرا؟ (هذا الشخص مثلا غادر السجن وتم إسقاط متابعته، ولكن المقالات التي هاجمته مازالت منشورة)…
والغريب أن كل هذه الخروقات نشرت في مواقع وجرائد يحب البعض تسميتها بالممانعة أو “تلك التي تقدم دروسًا في أخلاقيات المهنة”.
لماذا نذكر كل هذه المعطيات؟ فقط لكي نقول إن كل المبادرات ضد التشهير خطوة محمودة من أجل محاربة التشهير في الصحافة الوطنية، لكن لا يجب أن نسقط في مقاربة انتقائية أو تجزيئية وإنما يجب معالجة الموضوع انطلاقا من رؤية شمولية يساهم فيها الجميع.
كما أنه يجب تجنب السقوط في تشهير الصحافيين ببعضهم البعض أو الحقوقيين ببعضهم البعض فقط لأن بينهم خصومة سياسية أو إيديولوجية….