فكرت وفكرت وفكرت، ولم أجد شيئا جزائريا يستحق المقاطعة..!

فكرت في شيء أدعو لمقاطعته عقب إعلان الخارجية الجزائرية قطعها للعلاقات الدبلوماسية مع المغرب فكانت خيبتي كبيرة عندما اكتشفت أنني لم أعثر على شيء يستحق المقاطعة.
فكرت في أن أدعو لمقاطعة الراي فوجدت أن الشاب خالد، ملك الراي، مغربي الجنسية. فكرت في مقاطعة أغاني فضيل فوجدت أنه أصبح يتحدث باللكنة المراكشية أحسن من المراكشيين أنفسهم. فكرت في مقاطعة أغاني الشاب حسني فوجدت أنه كان يكره العسكر الذين في الحكم وأنهم بسبب ذلك أرسلوا من قتله.
فكرت بمقاطعة الصلصة الجزائرية التي لا يخلو منها مطبخ مغربي فإذا بي أكتشف أنها صلصة مغربية الأصل تصنع في بروكسيل على يد مغاربة.
فكرت في مقاطعة سكيتشات محمد سعيد فلاك الساخرة فاكتشفت أنه قبايلي يكره الجنرالات .
فكرت في مقاطعة تمور عزيزة الجزائرية التي أدمن على أكلها يوميا فوجدت أن تلك التمور أعطتها آلاف النخلات التي زرعها الفلاحون المغاربة البسطاء في واحة فكيك ولم تكن يوما تمور النظام.
فكرت في مقاطعة السينما الجزائرية فوجدت أن الفيلم الوحيد الذي لديهم هو شريط طويل بالأبيض والأسود عنوانه “الجزائر”، من فئة أفلام الرعب، أنتجه جنرال يرفض التقاعد ويصر على تحويل البلاد بأكملها إلى أستوديو لتصوير أجزاء جديدة من فيلمه الدموي المخيف.
فكرت في مقاطعة الأكل الجزائري فوجدت أنني سأقاطع المطبخ المغربي كله فعدلت عن هذا القرار حتى لا أموت جوعًا.
فكرت في مقاطعة الخطوط الجوية الجزائرية فتذكرت أن الجزائريين أنفسهم لا يستعملون هذه الخطوط إلا مكرهين.
فكرت في مقاطعة تاريخ الجزائر فاكتشفت أنني سأقاطع
حقبة حكم النوميديين والفينيقيين والبونيقيين والرومان فالوندال ثم البيزنطيين. وبعد هؤلاء سأقاطع حكم الأمويين والعباسيين والأدارسة والأغالبة والرستميين والفاطميين والزيريين والحماديين والمرابطين والموحدين والحفصيين فالعثمانيين. ثم بعد ذلك سأقاطع حكم الفرنسيين الذي دام قرنا وثلاثين سنة، إلى أن جاء أول مغربي من مدينة وجدة اسمه أحمد بنبلة وأصبح رئيسا للجزائر فجر استقلال سنة 1962، فوجدت أنني سأقاطع جزءا من تاريخ بلادي إذا أقدمت على هذا القرار، فعدلت عنه.
فكرت وفكرت وفكرت، ولم أجد شيئا جزائريا أقاطعه إلا وسأقاطع معه المغرب، وفي النهاية توصلت إلى أنني سأقاطع المغفلين والمرضى بتضخم الأنا والجاهلين بالتاريخ والجغرافيا، أولئك الذين يعتقدون أن ارتداء البزة وانتعال الحذاء العسكري كاف لكي يدوسوا، وهم في طريقهم نحو الهاوية، على الماضي والحاضر والمستقبل.