الموقف السريالي لمنيب من جواز التلقيح

عبدالحق عندليب
لا أجد مناصا من الرد على ادعاءات السيدة منيب وعلى بعض الذين يصرحون بأن فرض جواز التلقيح من طرف الدولة المغربية هو انتهاك لحقوق الإنسان. وفي هذا الصدد لا يسعني إلا أن أؤكد على مايلي:
إن حماية الحق في الحياة والسلامة الجسدية والنفسية بشكل خاص والصحة العمومية بشكل عام لكل المواطنات والمواطنين بدون أي شكل من أشكال التمييز هو حق من حقوق الإنسان المنصوص عليه في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والعهد الدولي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والعهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية، وبالتالي من واجب الدولة المغربية باعتبارها طرفا في الشرعة الدولية لحقوق الإنسان(Charte internationale des Droits Humains) والبروتوكولات الملحقة بها أن تقوم بكل الإجراءات والتدابير الضرورية لحماية الأفراد والمجتمع من كل ما يمكنه أن يعرض الصحة العمومية للخطر، وذلك طبقا لما توصي به الهيئات العلمية والطبية المتخصصة. ومن بين هذه الإجراءات تطبيق التدابير الحمائية المتعارف عليها دوليا للحد من انتقال العدوى وتلقيح المواطنات والمواطنين وتطبيق الإجراءات التنظيمية والإدارية الكفيلة بضمان فعالية ونجاعة الإجراءات الحمائية ولو أدى الأمر إلى التقييد المحدود والمؤقت في الزمان والمكان لبعض الحريات مثل حرية التنقل إذا كانت الدواعي مبررة، وهي كذلك.
فأين هو المشكل يا ترى في ما تقوم به الدولة المغربية في هذا الصدد وهو ما تقوم به كافة دول المعمور لحماية البشرية من جائحة قاتلة تهدد الحياة ووجود الإنسان؟
ولماذا هذه الضجة المفتعلة وعملية شد الحبل مع الدولة المغربية التي قادت إلى يومنا هذا المعركة ضد الجائحة بنجاح وأكثر فعالية من دول متقدمة؟
وهل رفض التلقيح ومعاكسة حمل جواز التلقيح يعتبر أولوية الأولويات في النضال الحقوقي والسياسي في الظرفية الراهنة وفي الوقت الذي تقوم فيه الحكومة المتغولة بالإجهاز على القدرة الشرائية للمواطنات والمواطنين وتتملص من التزاماتها ووعودها الانتخابية، حيث وجدت في تحويل الأنظار إلى جواز التلقيح طوق النجاة الذي كانت تنتظره ؟
ولماذا يتغاضى دعاة رفض جواز التلقيح عما تدمره الجارة الجزائرية ببلادنا ولوحدتنا الترابية من مؤامرات ودسائس بما في قطع العلاقات السياسية والاقتصادية وتوجيه الاتهامات للمغرب ودق طبول الحرب، وهو ما يفرض عاجلا وآنيا على كل مغربي التشبث بوطنيته من خلال العمل على رص الصفوف وتقوية الجبهة الداخلية لمواجهة ما ينتظر بلادنا في القادم من الأيام عوض تحريف النضال السياسي والحقوقي والاجتماعي عن مقاصده وسكته الحقيقية؟
إن الدعوة لرفض التلقيح أو التمرد ضد الإجراءات الوقائية المعمول بها كونيا والموصى بها من طرف منظمة الصحة العالمية التي تعتبر هيئة تابعة للأمم المتحدة وذات مصداقية لا يشك فيها أحد هو الذي يمكن اعتباره انتهاكا خطيرا لحقوق الانسان ومعاكسة واضحة لما أقره إجماع العلماء والأطباء وكل ذوي الاختصاص لحماية حياة وصحة المواطنات والمواطنين من جائحة أجهزت على حياة الملايين من البشرية وعطلت الاقتصاد الوطني والعالميه وأفقرت الملايين من المواطنات والمواطنين عبر العالم.
إن حقوق الإنسان غير للادلجة والتلاعب والركوب عليها واستغلالها سياسيا واستعمالها كمجرد شعار أو يافطة لتصفية حسابات سياسية ضيقة.
فمن يريد القيام بدور المعارضة السياسية ضد التغول الحكومي عليه بالدفاع عن المصالح الحقيقية للمواطنات والمواطنين وحقوقهم في التعليم والسكن اللائق والشغل والصحة والكرامة الإنسانية وأن يترك المزايدات الفارغة جانبا لمواجهة التحديات الكبرى التي تنتصب أمام بلادنا.