سياسة

حفل تقديم وتوقيع كتاب “المسألة الدستورية في المغرب تاريخا وتطبيقا”لأستاذ العلوم السياسية محمد مدني

الرباط / محمد العزعوزي.

قراءة للأستاذ “محمد الساسي” في كتاب “المسالة الدستورية في المغرب تاريخا وتطبيقا لمؤلفه الأستاذ “محمد مدني” أستاذ العلوم السياسية والقانون الدستوري بجامعة محمد الخامس بالرباط (الجزء الثاني)

وجاء كذلك في مداخلة الدكتور محمد الساسي : “فبعد أن وصلنا إلى الإستقلال وجدنا أنفسنا أمام حالة انتظار طويلة امتدت من سنة 1956 حتى سنة 1962 ، وعادة فالشعوب عندما تستقل فأول شيء تفكر فيه هو الدستور، حيث تأخرت لدينا مسألة الدستور، ماذا جرى في مرحلة الإنتظار الطويلة؟ هذه المرحلة الإنتقالية الدستورية ، حسب المهدي بنبركة أسقطت الحركة الوطنية في فخ الإستعمار ، إذ أنها حولت مبدأ السيادة إلى سيادة الملك عوض سيادة الشعب ، وفي هذه المرحلة انتقلت الفيودالية إلى الهجوم حيث ظهرت قلاقل هنا وهناك ، يخلص الكتاب إلى أن هذه الفترة كانت حاسمة في تحديد مصير ما سيأتي فيما بعد”

كما أشار الأستاذ في سياق حديثه :” فبعد عدة حكومات، وابتداء من 1960 حسم الأمر حيث ظهرت الحكومة التي يرأسها الملك ويديرها ولي العهد، وبرنامجها هو البرنامج الملكي ، حيث يسمي الأستاذ عبدالله إبراهيم رحمه الله هذه الأنواع من الحكومات بالحكومات الديوانية ، ما هي مكانة الحركة الوطنية في مرحلة الإنتقال الدستوري هذه الطويلة ؟ يقول الكتاب بأنه كان هناك توازن غير قار بين الحركة الوطنية و القصر، ويعتبر أن كلاهما كان مقيدا من طرف الآخر، حيث كانت هناك نوع من التبعية المتبادلة، لكن ظهرت قوى جديدة أرادت الحد من هيمنة حزب الحركة الوطنية، والحركة الشعبية ….. لكن ومع الأسف انقسمت الحركة الوطنية بين تصورين للمسألة الدستورية ، حيث يقول الكتاب أن هناك جزء من الحركة الوطنية تبنى التصور السياسي، لهذا رفع فكرة الجمعية التأسيسية وهناك من تبنى التصور التقني، فأراد عدم تسييس المسألة لماذا؟ لكسب ثقة الملك ، لأننا لا يمكن أن ننتقل إلى دستور جيد بدون ثقة متبادلة ، حيث لاحظنا أن كثيرا من الشعارات تتكررعبر السنوات ، ولكن هذا لا يعني بان أصحاب التصور التقني استبعدوا فكرة الدستور واعتبروا بأن الدستور لا قيمة له ، فأحيانا كان الصراع حول المسألة الدستورية يفضي إلى نوع من التوافقات.

وزاد الأستاذ محمد الساسي مسترسلا : “فالعهد الملكي الذي ظهر في سنة 1958 ، كان نتيجة لشرط اقترحه حزب الإستقلال، أي أنه لن يشارك في الحكومة إذا لم يكن هناك دستورا، أو على الأقل يكون هناك عهد ملكي، بمثابة التزام بمجموعة من المبادئ التي يمكن أن تمثل مستقبلا الأساس للدستور ، ومن المؤسف ثانيا هو أن الحركة الوطنية أطرافها فشلت في صياغة نص خلال تلك المرحلة الإنتقالية، وظهر هذا الفشل في مجلس الدستور ثم استمر الخلاف حول هذه النقطة، وهذا الخلاف قوى من الجهة التي كان من مصلحتها تعليق المسألة الدستورية. “وابتداء من سنة 1960 ، حسمت الملكية مكان وعنوان السلطة التأسيسية فأصبحت هي التي تضع الدستور وبقي الأمر كذلك حتى اليوم. ما وقع في سنة 2011 هو فقط إعلان عن أسماء أعضاء اللجنة وليس معنى هذا أن السلطة التأسيسية انتقلت من الملكية إلى اللجنة التي تكلفت بصياغة النص، إذن كان هذا هو ملخص الجرء الأول، المتعلق بالفترة ما قبل الدستور.

وأشار الأستاذ الساسي كذلك لما يلي : “جاء في الشق الثاني من الكتاب الذي يتحدث فيه المؤلف عن دساتير المغرب، أن دستور 1962 يعتبره الكتاب بمثابة “لوحة لمسيد” يلخصه في المقولة التالية “دكولية وراثية” ، طبعا هناك عقلنة برلمانية وتفوق للملك وصلاحيات غير محدودة في حالة السلم، ودستور 1970 ، قوى عدم التوازن بين المؤسسات السياسية، وقوى صلاحيات الملك وبتالي كان أداة مساهمة في تهميش الأحزاب، وقيل عنه تلك المقولة الشهيرة أن دستور 1970 ما هو إلا دسترة لحالة الإستثناء التي كانت قد أعلنت من 1965 إلى سنة 1970 ، أما دستور 1972 فعمل على تخفيف غلواء دستور 1970 ، لأن أسوأ دساتير المغرب هو دستور 1970 ، حيث قطع مع بعض قواعد دستور 1962 ، دون أن يغير الأساس في الحكم ، ولكن دستور 1972 ، لم يفعل إلا في مرحلة 1975 ,و 1976 و1977 … هذه المرحلة التي تسمى سياسيا مرحلة المسلسل الديمقراطي.

وأضاف الأستاذ الساسي في معرض تقديمه للكتاب : ” ودستور 1992 ، استجاب لبعض مطالب الكثلة، وقدم ديباجة رائعة من زاوية أنها أقرت حقوق الإنسان كما هي متعارف عليها عالميا، حيث أورد مؤسسة الجهوية ، أورد مؤسسة لجان التحقيق ، والمجلس الدستوري ، وانعكس دستور 1992 على ما حصل من تحولات على مستوى الظرفية العالمية، مع الرغبة الملكية في تدشين مرحلة للتنفيس السياسي ، ودستور 1996 أولا هو دستور محضر للتوافق ولكن بغرفة ثانية وبصلاحيات ثقيلة ومبالغ فيها ، ويمكن أن نعتبره تراجعا عن دستور 1992 ، ولكن مع ذلك فدستور 1992 كان سيئ الحظ ، أما دستور 1996 أفضى إلى قبول المعارضة به، تحت شعار “نعم السياسية” يتحدث الأستاذ مدني في كتابه عن “نعم السياسية” ، ما هي الخلاصة لكل هذا كما جاءت في الكتاب؟ الحياة الدستورية المغربية فهي حياة مراجعات كثيفة، فلماذا هذه المراجعات مستمرة؟ يقول الكتاب إن هذه المراجعات تمكن الملكية من شرعية جديدة في كل استفتاء لماذا؟ لأن الإستفتاء يتحول إلى بيعة جديدة.

كما أشار الأستاذ في تحليله : “وبعبارة أخرى كيف نقول عن دستور صنعه الملك بيديه أنه غير جيد، هذا ورد في الكتاب وفي الصفحة 130 من الكتاب، وكثرة المراجعات في عهد الملك الحسن الثاني معناه عدم الإستقرار الدستوري ، حيث يتحدث الكتاب عن عدم الإستقرار الدستوري مع وجود بعض المراجعات التي تنطوي على أشياء غريبة لم نحط بها علما، ولم نعرف يوما ما سرها، ولا نعرف لماذا وكيف؟ ، مثال على ذلك في سنة 1980 تم تخفيض سن الرشد للملك إلى غير ذلك ، ولكن المراجعات أيضا كانت فرصة لظهور بياضات، وتأجيل مواعيد الإنتخابات فرصة لظهور بياضات ، وهناك دائما تخوفا وهذا التخوف عبر عنه الكتاب، كما عبر عنه قبل ذلك الأستاذ “خدري” في أطروحته إلى غير ذلك، واستثمار البياضات في تكثيف الإنتاج القانوني في اتجاهين، لتقوية الملكية ولقص أجنحة بعض الحريات والمكتسبات، بالنسبة إلينا فالعهد الجديد تميز بشيء مهم في نظري وهذا غير موجود في الكتاب “وهي انتظارية المسلسل الإنتخابي” .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock