مقالات و آراء

أسامة الفتاوي يكتب بمناسبة اليوم الدولي للتسامح : “وأن تعفوا أقرب للتقوى “

 

إعداد وتحرير : د محمد أسامة الفتاوي .

في عام 1996 ، دعت الجمعية الدول الأعضاء إلى الاحتفال باليوم الدولي للتسامح في 17 نوفمبر من خلال انشطة توجه الى كل المؤسسات التعليمية وكذلك عامة الناس ، إن اهم ركن من أركان بناء المجتمعات والسلوك في تجربة الحياة لتحقيق السعادة والرفاهية هو التسامح ليعم السلام في العالم ،برفض الكراهية والحقد والعنف ونشر الوعي الفكري والاجتماعي واتخاذ أسلوب وسلوك العفو والتسامح في كثير من الظواهر الاجتماعية السيئة لتحقيق الأمن والأمان والسلام والنقاء والصفاء والرقي لمواجهة ظاهرة تنخر عقول الناس والمجتمعات وتصيب بالجهل والتخلف، وعليه يتطلب التوعية والتثقيف بأتجاه بناء حياة سعيدة ومجتمع مزدهر بالثقافة الإدراك الواعي بالسلوك القويم وتواصل فكري ووجداني ، ليمنح شيئا مهما للانسان من مَشاعِر نحو آفاق مستقبل زاهر ٠ أصبحنا اليوم بحاجة كبيرة إلى التسامح في ظل المصاعب وصخب الحياة ، والمشكلات المعاصرة مثل الصراعات ٠ لو عدنا إلى صفحات التاريخ نجد أنها تزخر بشخصيات عديدة وكثيرة تبنت نشر التسامح والعفو ،والإنسان القادر على التسامح يجب ان يتّصف بالكرم والأخلاق السامية ،ليمارس دوره الإنساني
بالعفو والتسامح لأنهما خُلُقان كريمان تحتاجهما النفس البشرية لتتخلّص من كل الشوائب التي قد تعلق في القلب من أثر الأذى، لينعم الجميع بالخير والحب وانشراح الصدر، وهما يتحقّقان بطولِ صبر واحتساب الأجر، ولا ريب أنّ تغليب العفو والتسامح على العقاب ينجّي الأفراد من الرواسب الاجتماعية التي تنهك قدرات الأسرة والمجتمع ،لأن التسامح صفة الأقوياء ومن أفضل الصفات التي يجب أن يتسم بها الإنسان صفة التسامح وتعني الشجاعة، والقلب الكبير الذي يدعو دائما الى مسامحة من يخطئ في حقك هذا شيء كبير عند الله ويزيد من القيمة بين الناس، ويعتبر من أسمى القيم الإنسانية وصفا” في أسلوب الإنسان في الحياة، ومن أعظم الفضائل التي عرفتها البشرية هو التسامح، وأكثر الصفات سموا في الخلق الحسن والطيبة وكرم الأخلاق، ويعد أمرا” يجعل الإنسان يتجاوز الخلافات والمشاكل ويترفع عن الصفات السيئة والمنبوذة بين المجتمع، ويغض الطرف عن بعض الأمور ولا يرد الإساءة بالإساءة، و تجاوز جميع الخلافات الموجودة لدى الفرد مع الآخرين، والتغلب عليها بمفاهيم وأساليب حضارية وأخلاقية، هو رمز القوة وعنصر بناء الإنسان والمجتمعات، ومنبع الكرم والسلوك الاخلاقي٠ وهناك علاقة متناغمة بين تطور وتقدم المجتمعات وبين التسامح ، وصفة التسامح والعفو صفة مقدسة أيضا” تبعث الاطمئنان والسكينة في النفس وبين الأفراد، وتنشئ مجتمع موحد، دليل التحضر، ونبذ الكراهية والحقد بين الناس، ويعزز السلام بينهم، ويساهم في بناء المجتمعات المتحضرة بشكل كبير ويجعلها متينة وقوية بعيدة عن صراعات أو فتن، ويجعل الفرد لا يفكر في مصلحته الشخصية فقط، بل يفكر في جميع من حوله ٠والأيام تمضي ولا تعود والعمر لا يتكرر مرتين واغتنام فرصة العمر ليتنعم الإنسان بمظاهر السعادة في النفس وانتقاء فضيلة التسامح للخروج بالأخلاق الحميدة والحسنة والتعامل بروح المحبة والتسامح والسلم والسلام مع الأخرين ، فهي السعادة بعينه، لا تجد للسعادة مكانا في زحمة جوي مشحون بالقلق والحقد والكراهية ، ولا يمكن أن يتحقق التسامح بالجمود الفكري والعقلي وقلة العزيمة والقناعة وهي القاعدة الأساسية في تكوين السعادة والامل في العيش بسلام وأمان بين الجميع هو احترام و قبول التنوع و الاختلاف من خلال الانفتاح والمعرفة وحرية الفكر والضمير والمعتقدات ، فان التسامح ليس فضيلة أخلاقية فقط بل فضيلة سياسية و قانونية ، وهي فضيلة تساهم في استبدال ثقافة الحرب بثقافة السلام، والتسامح يترك اثرا طيبًا في قلب صاحبه، فهو يخلّصه من مشاعر الحقد والغلّ على من تعرض له، ومن آثار التسامح أيضًا، نيل رضا الله وبالتالي يرضى الإنسان عن نفسه، فيشعر بالسعادة وتزيد ثقته بنفسه، ممّا يزيد إنتاجيته ونشاطه فينشغل بأعماله عن تتبّع أخطاء الناس وزلّاتهم ٠ وقال الله في محكم كتابه ( وإن تعفوا أقرب للتقوى) سورة البقرة الآية 237 ، هذا ما نحتاجه في يومنا هذا لتسود المحبة والوئام لبناء حياة سعيدة ومجتمع خال من الضغائن والكراهية والحقد والحسد والنميمة لينهض الجميع بمسؤولياته الفكرية والثقافية والأدبية والتقدم العلمي والتكنولوجي لركب التطور والتقدم ٠

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock