مقالات و آراء

حزب الإتحاد الإشتراكي، في الليلة الظلماء يفتقد البدر

بقلم: محمد طاهر أبوزيد

في قمة إنكساره أنشد الشاعر الأمير أبو فراس الحمداني : سيذكرني قومي إذا جد جدهم
و في الليلة الظلماء يفتقد البدر
هذا البيت الشعري الذي قد ينطبق عجزه على ما عاشه المغرب سياسيا منذ سنة 2011 و بعد تسارع أحداث إقليمية و عالمية عنوانها العريض إنتفاضة شعوب عربية ضد أنظمة الحديد و النار تحت مسمى الربيع العربي الذي وصلت رياحه للمغرب الذي كان يعيش مسلسل إنتقال ديمقراطي بين مد و جزر، لتحليل ظروف وصول رياح الربيع العربي و الإستثناء المغربي وجب العودة لتاريخ جد قريب هو خطاب جلالة الملك الراحل الحسن الثاني الذي كان محوره السكتة القلبية و دعوته رحمه الله لحكومة تناوب توافقي و مراجعة الدستور و توفير مقومات الإنتقال الديمقراطي و كل ما صاحب هذه الحقبة من أحداث لا يتسع المجال لذكرها كلها سوى كون المرحوم المجاهد عبد الرحمن اليوسفي تولى الوزارة الأولى و أحدث رجة تغييرية في إطار المتاح دستوريا و واقعيا خلفت إرتياحا شعبيا و هجومات من جيوب مقاومة التغيير و بذلك يكون حزب الإتحاد الإشتراكي للقوات الشعبية الذي قضى معظم عمره في المعارضة يتولى مرحلة إنتقالية في ظروف محلية و عالمية صعبة جدا.
لن يستمر الوضع مستقرا كثيرا و دون الدخول في التفاصيل و سنسميها (مدا و جزرا) و هي الفترات التي عانى فيها حزب الشهداء و منقذ البلاد من السكتة القلبية من محاولات تحجيم وزنه سياسيا و شعبيا من عدة أطراف و إستمرت تجربة التناوب و لو بشكل هجين بحكومات متتالية في خروج عن المنهجية الديمقراطية.
لنجعل دائما و نحن نتابع المقال تلك المعلومات السابقة الذكر و لو على إيجازها نصب أعيننا لأنها في تقديري ستؤثر في مجريات أحداث ما بعد وصول رياح الربيع العربي إلى المغرب ممثلة في حركة 20 فبراير التي نادت بدورها بالحرية و الديمقراطية و العدالة الإجتماعية، سنعود هنا للإستثناء المغربي الذي لا يعد شعارا يردد مجانا فالمغرب عكس باقي الدول العربية المنهارة بفعل الربيع العربي إلى يوم الناس هذا، عرف تداولا و تناوبا و توافقنا سياسيا و كان جلالة الملك محمد السادس أول من إلتقط كل إشارات الحركات المناضلة قبل و بعد 20 فبراير و أقر دستورا جديدا تشاركيا حقوقيا للمملكة سنة 2011 و أعلن عن إنتخابات سابقة لأوانها حملت الأوصوليين لرئاسة الحكومة آنذاك.
فكان ما أراده المغاربة من خلال كل هذه المتغيرات السياسية و المؤساساتية من خير ينقلب شرا و تراجعا و إنتكاسات تلو الإنتكاسات و ما كان قد بناه حزب الإتحاد الإشتراكي للقوات الشعبية منذ نشأته في معارضته أو قيادته لحكومة التناوب التوافقي يكاد يذهب أدراج الرياح فبعد أن مرت ولايتين لحكومة أصولية يمينية بقيادة العدالة و التنمية تخبط خبط عشواء سياسيا و إقتصاديا و إجتماعيا و إستطاعت بفشلها أن توصل البلد إلى حضيض.
تأتي بعدها في 2021 حكومة يقودها يمين ليبرالي قائم نهجه الحالي زيادة الأغنياء غنى و مزيد من إفقار الفقراء و حماية مصالح الشركات الكبرى و محاولة القضاء على الطبقة المتوسطة. هذا واقعنا الحالي و هذا ما أفضت إليه كل العوامل السالفة الذكر.
بالتزامن مع هذا الواقع عرف حزب الإتحاد الإشتراكي للقوات الشعبية في حياته التنظيمية مدا و جزرا كذلك شأنه شأن أوضاع البلد لكنه كمؤسسة حزبية وطنية و مواطنة حاملة لهموم و متطلبات القوات الشعبية لم تتوانى عن المضي قدما في نضالها من أي موقع كان، فبعد أن تنبأ الخصوم بموت الإتحاد بعد تجربة سنة 2007 هاهو اليوم يتبث أن درب النضال طويل و لا يقاس بالتمثيلية في الحكومة و في المؤسسات بقدر ما يقاس بتضحيات المناضلين من أجل الإستمرار في تأطير المواطنين و في التقدم في العلاقات الدولية لما فيه صالح لوطننا العزيز و هو ما يقوم به الحزب حاليا بقيادة الكاتب الأول إدريس لشكر هو و القيادة السياسية لتقديم بديل إشتراكي ديمقراطي ينتشل المواطنات و المواطنين من ذل الليبرالية اليمينية الحالية التي تأتي على الأخضر و اليابس.
ففي الليلة الظلماء يفتقد البدر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock