“لو تعلم…” مقال رأي بقلم عائشة الشقوندي/ المغرب. من رحم المعاناة يولد النجاح:
الجزء الثاني
شهد مساء يوم أمس حدثا تاريخيا اسطوريا بمدينة الرباط، اذ صادف عودة كل عناصر المنتخب الوطني المغربي من قطر، إلى وطنه الام، مرفوقين بأمهاتهم.
كانت مناسبة استقبال المنتخب الوطني مناسبة بوقع متميز، مشحون بحب المغرب العميق (ملكا وشعبا) لأسود الأطلس. فقد حضر هذا الاستقبال آلاف الجماهير من مختلف الفئات العمرية، وأكثر من ثمانية آلاف عنصر من الشرطة والقوة العمومية لتأمين الحدث، فضلا عن عدد كبير من إعلاميي المنابر الحكومية وغير الحكومية، والصحافيين، والفرق الموسيقية والفلكلورية المغربية المتنوعة.
لقد كان حقا استقبالا استثنائيا، لم يعهده فريق رياضي مغربي من ذي قبل، اذ جاب اسود الاطلس مختلف الشوارع الرئيسية بين مطار الرباط سلا والمشور السعيد، على حافلة، حاملين العلم الوطني. كل الشوارع الرئيسية كانت مكتظة بحشود المواطنين، الذين خرجوا لاستقبالهم بالزغاريد، والأناشيد، وبالالعاب النارية والهتافات بأسماء اللاعبين، معبرين عن فرحتهم بهم، واعتزازهم بفوزهم، وفخرهم بما حققوه من فوز اسطوري، ساهم في نشر صورة حقيقية مشرفة عن المغرب والمغاربة، وعن الحضارة العربية الاسلامية. وما حققوه من إنجاز “استثنائي”، في منافسات كاس العالم قطر 2022، أمام عظمى الفرق الأوربية الغنية عن التعريف.
بناء على فوز المنتخب الوطني في مباريات كاس قطر 2022, خصص صاحب الجلالة، الملك محمد السادس، نصره الله، ايضا استقبالا ملكيا ساميا، لعناصر المنتخب الوطني المغربي، وكل مسؤولي الاتحاد الوطني لكرة القدم، في شخص رئيس الاتحاد، السيد فوزي لقجع، واعضاء الطاقم الطبي والتقني، محفوفا بصاحب السمو الملكي، ولي العهد، الأمير مولاي الحسن، ومرفوقا بصاحب السمو الملكي، مولاي الرشيد.
فعلا، ان استقبال صاحب الجلالة لاسود الأطلس بالقصر الملكي، بالرباط، لتشريف سامي، حظيت به عناصر النخبة الوطنية وامهاتهم كعربون اعتراف، لما بذلوه من جهد لتحقيق حلم مغربي، عربي، إفريقي وإسلامي، متصدرين القائمة العالمية في مرتبتها الرابعة. وإنه لمفخرة وطن، وأمة، وقارة بهم، وبرسالتهم الانسانية الحميمية، في سر رضا الوالدين، والارتباط الحميمي بالأم. كما انها مناسبة مثلى، أعربت عن تكريم الأم المغربية والعربية الافريقية، رمز التضحية والعطاء المستمر، ودورها في تربية الأجيال.
استطاع اسود الاطلس، كما سماهم مدربهم، “الرجال”، ان يصنعوا “تاريخ القدوات”، القادرين على العطاء المستمر، وبامكانيات بسيطة، فجلهم ينحدرون من أسر فقيرة، تعيش بالمغرب او تقيم بديار المهجر. اسر عانت من الفقر والحرمان ومشاكلهما، أمثال اللاعبين الابطال العالميين: اشرف حكيمي، وحكيم الزياش، واوناحي… وغيرهم. ولكن بقدراتهم واراداتهم استطاعوا أن يكسروا حواجز العجز والضعف، وأن يحققوا احلامهم. ومراتبهم التي يشهد لهم بها العالم بأكمله.
وفي الختام، رشح صاحب الجلالة، كلا من رئيس الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم، السيد فوزي لقجع، ومدرب المنتخب الوطني، وليد الركراكي، بوسام العرش من درجة قائد. كما رشح كل عناصر المنتخب الوطني المغربي، بوسام العرش من درجة ضابط. والتقطت لهم صورة جماعية في سجل التاريخ المجيد، المميز ببطولة اسود الأطلس في مباريات كاس العالم قطر 2022. كما حرص صاحب الجلالة، نصره الله، على إشراك أمهات عناصر المنتخب الوطني المغربي في هذه الملحمة الوطنية، في صورة تذكارية ثانية لهن معه، رفقة أبنائهن، عربون اعتراف لعطاءهن المستمر، ولتضحيتهن في تربية أبنائهن على الأخلاق الحميدة والانسانية قبل الأخلاق الرياضية الكروية. وإنها لشاعرية إستثنائية منحها اسود الاطلس لمونديال كاس قطر 2022, كطعم انساني نادر، يميز ثقافة المجتمع المغربي، بحكم أسسه الاولى تنبع من القيم الاجتماعية الحميمية المغربية والعربية الاسلامية، “كسر رضا الوالدين”، و”سر دير النية” اللذان يفسران مرجعية الارتباط الحميمي بالأم.
فوراء نجاح كل ابن، أم مكافحة. ووراء كل إرادة تخطي الصعاب، فمن رحم المعاناة يولد النجاح.
بقلمي : عائشة الشقوندي/ المغرب