الهوية البصرية لجماعة تيزنيت ، حيثيات وتدقيقات
في إطار الشروع في تعميم استخدام بعض عناصر الهوية البصرية المحدثة لمدينة تيزنيت بمناسبة منتدى “تيزنيت تنمورت” لفعاليات المدينة، نشأت موجة من التعليقات المنتقدة وغير المتفهمة للمشروع عبر وسائل التواصل الاجتماعي. هذا يفرض ضرورة التفاعل مع هذه التعليقات وتقديم التوضيحات اللازمة.
أولاً، لا بد من الإشارة إلى أن مدينة تيزنيت ظلت لعدة عقود دون هوية بصرية خاصة بها، حيث اقتصرت على “شعار” من صنف شعارات النبالة، التي كانت تستخدم لعدد من الجماعات في بدايات تجربة اللامركزية في المغرب. ومع تزايد الحاجة لتطوير هوية بصرية أكثر تكاملاً، أصبحت هذه الهوية تتطلب تحسينات تشمل الألوان، الطباعة، القابلية للتكيف مع مختلف الدعامات والاستخدامات، بالإضافة إلى ارتباطها بسردية أو قصة تعكس تاريخ المدينة.
تحت مظلة برنامج عمل الجماعة (PAC 2023-2027)، الذي تم اعتماده في دورة 30 ديسمبر 2022، تم إدراج مشروع “اعتماد هوية بصرية للمدينة” ضمن 157 مشروعاً تم المصادقة عليها. ومن هنا بدأ العمل على تطوير هوية بصرية تكون أكثر تجسيداً لمعاني المدينة وتاريخها، باستخدام مداخل إبداعية مبتكرة.
لتنفيذ هذا المشروع، قررت الجماعة منح الثقة لشباب وأطر المدينة، من خلال إشراك “فضاء البلاند”، وهي منصة للإبداع في الفنون البصرية والرقمية. هؤلاء الشباب، الذين أبدعوا في السنوات الأخيرة في مجالات عديدة، أثبتوا قدرتهم على تقديم مشاريع مبتكرة حازت على اعتراف واسع على الصعيدين المحلي والدولي. لهذا، تم الاعتماد على طاقاتهم لإنجاز هوية بصرية تتميز بالابتكار والجودة.
وقد قام فريق “البلاند” بتبني مقاربة متعددة المسارات، حيث بدأوا بإطلاق مسابقة ترفيهية عبر الفيسبوك، ثم استعينوا بخبرة معماريين شباب من أبناء المدينة، لتنظيم ورشتين: الأولى عبر التناظر المرئي مع متخصصين في المجال، والثانية ورشة حضوريا تم تنظيمها في “فضاء البلاند” بمشاركة فعاليات المدينة.
النتيجة كانت تقديم تصور مبدئي لهوية بصرية تتماشى مع رؤية الجماعة لتطوير المدينة، استناداً إلى تاريخها العتيق وتشكيلاتها المعمارية، واللمسة الفنية التي تميزها من حيث الألوان والخطوط. هذا التصور تم عرضه على المجلس الجماعي في دورته العادية لشهر أكتوبر الماضي، حيث تمت المصادقة عليه.
من خلال هذا المسار، نود التأكيد على أن الهوية البصرية ليست مجرد “شعار” منفصل، بل هي مجموعة من المكونات التي تعكس القيم والتاريخ والروح الثقافية للمدينة. ولا يمكن تقييم الهوية بشكل موضوعي إذا لم تكن هذه المكونات متكاملة، بل إن الشعار وحده لا يكفي لتقديم الصورة الكاملة.
وأخيراً، نود التوضيح أن هذه التعديلات والتطويرات تهم أولئك الذين يطمحون إلى تحسين صورة المدينة. أما بالنسبة لأولئك الذين يختارون الهدم والنقد المستمر، فإننا لم نراهن يوماً على حيادهم أو نزاهتهم في التقييم، لأن غايتهم هي الاستئصال، وهو ما لن يتحقق لهم.
كما أن هذه الهوية البصرية ستكون، بإذن الله، أساسا لعدد من المشاريع الكبرى التي ستخرج قريبا إلى حيز الوجود، وستساهم في تحسين جاذبية المدينة وتطوير ظروف عيش سكانها.