المَغْرِب: حَرَكَة 20 فِبْرَاير والرُجُوع للشَّارِعُ بَعْد 14 سَنَة عَلى خُرُوجِها

عبد الإله شفيشو/فاس بحلول 20 فبراير 2025 تحل الذكرى 14 لتأسيس حركة 20 فبراير التي هزت المغرب في سياق ما عرف بـ (الربيع العربي) تتولد الكثير من الأسئلة بشأن ما تحقق من المطالب التي رفعت عندما بلغت الإحتجاجات أوجها فإذا كانت الشروط التي أدت إلى إطلاق هكذا حركة لا تزال قائمة اليوم فلا يمكن بالتالي إستبعاد ظهورها في الشارع مرة أخرى، ففي ظل ما يعيشه الشعب المغربي اليوم من إحتقان إجتماعي وإحساس بالإهانة والدونية وتراجع القدرة الشرائية للمواطنين بسبب تجميد الأجور والإرتفاع الصاروخي للأسعار والحرمان من الإستفادة من الخدمات الإجتماعية الأساسية (الصحة ، التعليم ، الشغل، السكن …)، كل هذا في ظل إقتصاد تبعي ينخره الفساد والغش والرشوة والتهرب الضريبي ومناخ حقوقي يتسم بالقمع الممنهج لحرية الرأي(الإعتقالات المتتالية، منع حق التظاهر، قمع حرية الصحافة…).
كان للإصلاحات التي جاء بها خطاب رئيس الدولة ملك البلاد “محمد السادس” بعد أسبوعين من خروج شباب حركة 20 فبراير للشارع أثر في تنفيس الضغط وهمّتْ الإصلاحات إعلان دستور جديد وإجراء إنتخابات جديدة ورغم مؤاخذات الحركة والمعارضة الراديكالية على المشروع الدستوري ودعوتها لمقاطعة التصويت عليه بحيث إكتشف أن الأمر لم يكن سوى مناورة سياسية، فالدستور الجديد رغم ما يؤاخذ عليه يبقى متقدما على نصوص مماثلة في المنطقة لكن معارضيه سيفاجؤون بأنه لا يطبق وأن تفعيله وإجراءاته أكثر من بطيئة ويتطلب تنزيله أكثر من عشرين قانونا تنتظر التشريع ما ترك المجال للدولة بالإستمرار في نهج ما سمي بـ(الدستور العرفي)الذي يعني الحكم المطلق حسب المعارض البارز المحامي “عبد الرحمان بنعمرو”.
أمام هذا المشهد المحتقن إعترف الملك “محمد السادس” بمناسبة الذكرى العشرين لجلوسه على العرش (30 يوليوز 2019) بفشل النموذج التنموي الذي نهجته البلاد منذ الإستقلال مشيرا إلى أنه لا يواكب الحاجيات المتزايدة لفئة من المواطنين ونصب لجنة لإعداد تصور نموذج تنموي جديد، وقد عطلت جائحة كورونا إعلان النموذج المنتظر لكن آلية القمع لم تتوقف ولم تهدأ بمتابعة عدد من المدونين والصحفيين المستقلين والمعروفين بإنتقاداتهم لسياسة الدولة (توفيق بوعشرين وحميد المهداوي وعمر الراضي وسليمان الريسوني) وزاد عنف السلطة بعد إعلان حالة الطوارئ الصحية في مستهل مارس 2020، فلقد أصبح الشارع يمتلك قدرات ذاتية ويعكس مستوى الوعي السياسي لدى المواطنين وتمكن من التعبئة الجماهيرية للتعبير عن عدم الرضا المتزايد ضد السياسات العامة خارج التنظيمات والأحزاب التقليدية التي وصفها المعتقل “ناصر الزفزافي” قائد حراك الريف بـالدكاكين السياسية وبكونها فاقدة للصلة مع الواقع ،فلقد صارت مطالب حركة 20 فبراير مرجعية للحركات الإحتجاجية العديدة التي نشأت في السنوات الأخيرة بنفس الشعارات والأهداف،مَطَالِب الحَرَكَة لَمْ ولَنْ تَمُوت:بعد عقد من الأعوام وزيادة لا تبدو اليوم مطالب حركة 20 فبراير المتمثلة في الحرية، الكرامة العدالة الاجتماعية والمساواة والتي رفعت في 20 فبراير 2011 مثل حدث تاريخي عابر وبعيد مرَّ وإنطفأ فالأسباب التي إنبثقت من صلبها الحركة لا زالت شاخصة من غير جواب خصوصا مع فقدان الأحزاب السياسية لمصداقيتها وضعف خطابها وهو ما يؤشر الآن إلى تفاقم الإحتقان الإجتماعي وما يحيل إلى رجوعها للشارع يقول الشاعر المغربي “أحمد بنميمون”:(تظل الحركة مثل نار تحت الجلد)، فكثير من الفواجع التي تقع بالمغرب والتي تكاد تكون دورية إلا دليلا على أن واقع القهر والفساد وغياب تطبيق القانون يستهدف أرواح الضعفاء المقهورين من الفئات الشعبية وهو ما يؤكد أن ما خرج من أجله شباب الحركة لم يكن مجرد صدى لما جرى في بلدان الربيع العربي ولم تكن أبدا مجرد سحابة صيف، فالأمل راسخ في إستعادة الحركة لزخمها الشعبي ولتوهجها المنير خصوصا مع السخط العارم على سياسة الدولة التي يتم تصريفها تحت غطاء شعارات رنانة من قبل خلق مشاريع تنموية كبرى ، فعلى من يبحثون عن نموذج تنموي بديل عليهم الرجوع إلى بيانات حركة 20 فبراير فالحل هو الديمقراطية، ولا شيء غير الديمقراطية.
المجد والخلود لشهداء حركة 20 فبراير المجيدة،
الحرية لكافة المعتقلين السياسيين القابعين في سجون الذل والعار، وفي مقدمتهم أبطال وأحرار حراك الريف،