مقالات و آراء

مذكرات بريدي …قصتي مع الحاجة الحمداوية رحمها الله

هنا 24/ عبد الصادق النوراني .

في ليلة من ليالي سنة 1992بثت القناة الثانية حلقة من برنامج للصحافي خالد مشبال استضاف فيه المغنية الشعبية الحاجة الحمداوية .
البرنامج لقي تعاطفا كبيرا مع المرأة التي كانت تعيش وقتئد ظروفا اجتماعية صعبة وقاسية حيث دخل الصحفي المقتدر بكامراته إلى بيت كانت تكتريه الراحلة فوق السطح بأحد المنازل بمدينة طنجة وصور الظروف التي كانت تعيش فيها وأجرى معها حوارا تحدتث فيه عن تنكر الجميع لها ولما قدمته خصوصا وأنها أصبحت على الهامش وتعيش ضيق ذات اليد ولا أحد يسأل عنها (البرنامج موجو في أرشيف القناة).مباشرة بعد ذلك أعطيت الأوامر للتكفل بالمرأة .
زمانئد كنت أشتغل بالمكتب الرئيسي للبريد بالدار البيضاء وبالضبط في مصلحة المخادع الهاتفية الموجودة بزاوية شارع الحسن الثاني وشارع باريز ،كان عمري وقتها 23 سنة وكنت أشتغل مع زميل لي إسمه مراد علي تحت إمرة المفتش السيد مصطفى بطاح رئيسنا المباشر في تلك المصلحة التي عشنا فيها أيام لا تنسى وقصص وحوادث نادرة كلها عذبة وجميلة جدا صقلت معارفي التي كتبت بمداد من ذهب في سجلي المهني .
في هذه المصلحة تعرفت على مشاهير الفنانين المغاربة والعرب الكبار والرياضيين والسياسيين والصحافيين الكبار كذلك وبعض الشخصيات العربية الذين كانوا ينزلون في فندق (حياة ريجنسي ) ويأتون لإجراء مكالمات هاتفية خصوصا ما بين الساعة العاشرة والساعة الحادية عشرة ليلا حيث يكون المكان فارغ من العموم .
وأتذكر ذات مرة زيارة زوجة أحد وزراء الخارجية العرب وهي عراقية ذات حسن وجمال ، تتمايل في رشاقة وزهو كأنها كأنها غصن ورد أحمر يحركه النسيم العليل ، ووجه باسم صبوح بعينين سوداوتين تشعان سهاما تفتك بالقلوب ، وشفتين كالعناب الحلو المبتل بالرضاب ؛ وكانت مرفوقة بأحد رجال الأمن هو صديق قديم لي ينحدر من مدينة تيفلت مختص في رمي الرمح كان منخرطا معنا في صفوف فريق الكوكب الرياضي المراكشي فرع ألعاب القوى وتم دمجه في سلك الأمن الوطني ؛ وأذكر أنني تجادبت معها أطراف الحديث باللغة العربية الفصحى نال استحسانها من خلال ابتساماتها الهلالية التي تضغط على خديها حتى يصيرا مثل بلونتين ورديتين ولهجتها العراقية العذبة الممزوجة بكلمات عربية فتحت شهية قاموس لغتي العربية لدرجة أنني أهملت صديقي الذي وسوس في أذني قائلا : ( هير قول ليا ألبهجة ، واش انت بيتي تخرج على راسك ، رآه والله حتى يقطعوه ليك ويخليوك ضحكا ههههههههه؟) ، هنالك استرجعت وعيي قليلا وطلبت منها التقدم إلى المخدع ، وبعدما أتمت المكالمة مع أهلها في العراق تقدمت إلي وفتشت في حقيبتها اليدوية ثم سلمتني هدية ثمينة (ساعة يدوية ) كانت ملفوفة ومعدة لإهدائها لشخص ما .وللتذكر فزوجها وزير الخارجية لإحدى الدول العربية الشقيقة آنذاك وليس لجمهورية العراق .
ذات صباح وبعد حوالي أقل من أسبوع على بث برنامج خالد مشبال إذ بٱمرأة كبيرة في السن نحيفة الجسد شاحبة الوجه بعينين مغرورقتين وشعر أبيض منسل من الخمار الذي تلف به رأسها يبدومن ملامحها وكلامها الذي يشبه الأنين تأثير قسوة الزمن عليها ، فقدمت لنا نفسها بأنها ( الحاجة الحمداوية)وأنها قادمة من طنجة وأعطتني ورقة بها رقم هاتفي قالت بأنه لإحدى بناتها بالتبني تسكن في البيضاء وأنها تلقت دعوة من مسؤولين كبار لمساعدتها؛ تعاطفنا معها كثيرا واستقبلناها استقبالا يليق بمقامها قدمنا لها الفطور بعدما تكلمت مع ابنتها ثم ناولناها كرسيا جلست عليه حتى أتت ابنتها وذهبت معها لحال سبيلها بعدما نلنا منها دعوات التوفيق والنجاح.
منذ ذلك الحين أصبحت أحوالها المادية تتحسن شيئا فشيئا فرحمها الله وأسكنها فسيح جنانه.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock