عمر الحضرمي.. من مؤسس في البوليساريو إلى شاهد على انحرافها

مكتب القنبطرة/عزيز منوشي
قبل ستة وثلاثين سنة، وفي 9 غشت 1989، عاد إلى أرض الوطن القيادي السابق وأحد أبرز مؤسسي جبهة البوليساريو، عمر الحضرمي، بعد مسار طويل داخل مخيمات تندوف، حيث عايش عن قرب التحولات التي شهدتها الجبهة منذ وفاة مؤسسها الأول الولي مصطفى السيد.
كان الحضرمي، الذي يُعتبر المثقف الوحيد وسط مجموعة من القيادات الميدانية، شاهداً على كيفية تدخل المخابرات الجزائرية في إعادة تشكيل قيادة البوليساريو بما يخدم مصالحها. فبعد وفاة الولي، حاولت الجزائر فرض شخصيات جديدة على رأس الجبهة، ليس بناءً على الكفاءة أو الشرعية، بل وفق معيار الولاء لها. وهكذا تحولت البوليساريو إلى أداة سياسية في يد النظام الجزائري لتصفية حساباته مع المغرب، بعيداً عن طموحات الساكنة الصحراوية في الكرامة والتنمية.
هذا الواقع دفع عمر الحضرمي إلى قيادة انتفاضة داخل المخيمات، عبّر من خلالها عن رفضه للمسار الذي انحرفت إليه القيادة الجديدة. ولما اتضح له استحالة إصلاح الوضع من الداخل، قرر العودة إلى المغرب، ليُسجَّل بذلك أول انشقاق من حجم قيادي بارز عن جبهة البوليساريو.
عودة الحضرمي لم تكن مجرد خطوة شخصية، بل حملت دلالات سياسية قوية، إذ كشفت للعالم أن المشروع الانفصالي ليس إلا أداة تخدم أجندة إقليمية. ومنذ ذلك التاريخ، توالت شهادات وانشقاقات أخرى من داخل المخيمات، أكدت كلها أن قيادة البوليساريو فقدت استقلاليتها، وباتت مرتهنة لخيارات الجزائر.
لقد شكل عمر الحضرمي نموذجاً لرجال فطنوا مبكراً لانحراف قيادة البوليساريو، وقرروا الوقوف في صف الوطن، مساهمين بذلك في فضح الخلفيات الحقيقية للنزاع المفتعل حول الصحراء المغربية.



