مهرجان التبوريدة بالقنيطرة.. بارود في السماء وظلام في الشوارع

مكتب القنيطرة/عزيز منوشي
انطلقت بالقنيطرة أول نسخة من مهرجان التبوريدة وسط حضور رسمي كثيف وبهرجة إعلامية، حيث اجتمع العامل والمنتخبون وصف طويل من المسؤولين ليصفقوا للطلقات النارية وصهيل الخيل. خمسون سربة وأكثر من ألف فارس وفرس قدّموا عروضاً أبهرَت العيون، لكنهم لم ينجحوا في إخفاء حقيقة أن المدينة نفسها تعيش على وقع الإهمال.
فبينما تشتعل السماء بالبارود، تغرق شوارع القنيطرة في الظلام ليلاً، حيث غياب الإنارة العمومية يعرض حياة المارة للخطر ويزرع الخوف في الأحياء. وبينما تُصرف الملايين على الخيام والفرسان، يضطر المواطن البسيط إلى المشي في أزقة مظلمة، وكأن المدينة مقسومة بين “منصة رسمية مضيئة” و”شوارع شعبية مطفأة”.
الميزانية المصروفة على المهرجان لم يُكشف عنها للرأي العام، وكأن المال العام شأن خاص. أليس من الأجدر أن تُخصص هذه الأموال لإصلاح الإنارة، تجهيز الفضاءات العمومية، وتوفير الحد الأدنى من الأمان للساكنة؟
الصحافة المحلية بدورها لم تكن في الموعد. كثير من الجرائد اكتفت بالتطبيل ونقل صور الغبار والفرسان، دون أن تجرؤ على مواجهة السؤال البسيط: من يستفيد حقاً من هذه الفرجة؟ المواطن أم المسؤول؟
التبوريدة تراث أصيل لا غبار عليه، لكن استغلالها كواجهة لتلميع صورة السلطة، في مدينة غارقة في الظلام والتهميش، هو أكبر إهانة لذاكرة هذا الفن العريق.
المهرجان أضاء المنصة الرسمية لساعات، لكنه ترك القنيطرة غارقة في العتمة. وبينما دوّى البارود في السماء، بقيت شوارع المدينة تصرخ في صمت: نريد الضوء قبل العروض.