الدكتور سعيد أمزازي والي جهة سوس ماسة الذي أعاد للسلطة معناها النبيل ومكانتها التنموية في ظل الرؤية الملكية المتبصرة

في مغرب الألفية الثالثة، حيث يشهد الوطن تحولات كبرى في مسار بناء الدولة الحديثة بقيادة جلالة الملك محمد السادس نصره الله، يبرز والي جهة سوس ماسة، الدكتور سعيد أمزازي، بوصفه نموذج لرجل السلطة الجديد الذي يجسد المفهوم الملكي المتجدد للسلطة، كما حدده جلالته في خطابه التاريخي بتاريخ 12 أكتوبر 1999، حين قال: «إننا نريد سلطة قريبة من المواطن، في خدمته، تسعى إلى حل مشاكله، وتيسير سبل عيشه، لا أن تكون سلطة متعالية أو متسلطة». وهو خطاب أسس لرؤية عميقة جعلت من السلطة وظيفة إنصات وتدبير وخدمة، لا وسيلة هيمنة أو امتياز.
من هذا المنطلق، جسد الدكتور سعيد أمزازي، بما راكمه من تجربة أكاديمية وإدارية رفيعة، هذا المفهوم الملكي في أبهى صوره، فجمع بين الفكر الإصلاحي والقدرة التنفيذية، وبين الحضور العلمي والدينامية الميدانية، فحول مدينة أكادير وجهة سوس ماسة إلى فضاء للتفاعل البناء مع المواطنين وإلى رافعة للتنمية الجهوية المستدامة. وقد إتسم تدبيره للشأن الترابي بروح المسؤولية المتجذرة في فلسفة “السلطة المواطنة” القائمة على القرب، والإنصات، وربط المسؤولية بالمحاسبة، انسجاما مع ما أكده جلالته في خطاب العرش بتاريخ 29 يوليوز 2017 حين شدد قائلا: «المسؤولية تكليف لخدمة المواطن، وليست تشريفا للمناصب».
إن حضور الوالي أمزازي الميداني المتواصل، وزياراته المنتظمة إلى الجماعات والمشاريع الكبرى، وتركيزه على النتائج الملموسة بدل الخطابات الشكلية، كلها تعبيرات عملية عن هذا التحول العميق في ممارسة السلطة. وقد تجلت هذه المقاربة الإصلاحية بأبهى صورها في تتبعه الدقيق لتنزيل الورش الملكي بأكادير وسط المملكة الذي أطلقه جلالة الملك نصره الله في فبراير 2020، بوصفه نواة للنموذج التنموي الجديد وعدالة مجالية متوازنة بين الجهات. لقد تحولت أكادير، بفضل هذا التوجيه الملكي والإشراف الميداني للوالي، إلى ورش مفتوح على مشاريع حضرية وإقتصادية كبرى، من الميناء الأطلسي الجديد إلى الطرق المدارية والمناطق الصناعية والمركبات السياحية، بما يجعل الجهة قطب اقتصادي متكامل ومركز إشعاع تنموي وطني.
وتأتي هذه الجهود في سياق الرهانات الوطنية الكبرى التي تخوضها المملكة، وعلى رأسها تنظيم كأس الأمم الإفريقية 2025 وكأس العالم 2030 إلى جانب إسبانيا والبرتغال، وهي محطات تاريخية جعل منها والي الجهة لحظة تعبئة وطنية لتنمية البنيات التحتية وتجويد الخدمات وتحسين صورة المغرب لدى العالم. لقد أدار السيد أمزازي هذه الملفات بروح الشراكة والمسؤولية الجماعية، مكرسا المفهوم الملكي للسلطة باعتبارها «رافعة للتنمية ومؤسسة في خدمة المواطن»، كما ورد في خطابات جلالة الملك في مناسبات عدة، أبرزها خطاب جلالته السامي بمناسبة الذكرى السادسة والستين لثورة الملك والشعب، حين أكد أن «النموذج التنموي، في صيغته الجديدة، يشكل قاعدة صلبة لانبثاق عقد إجتماعي جديد، ينخرط فيه الجميع، الدولة ومؤسساتها والقوى الحية للأمة».
ختاما، إن مسار الدكتور سعيد أمزازي في تدبير جهة سوس ماسة لا يجب قراءته كمسار إداري فحسب، بل كترجمة ميدانية لجوهر المشروع الملكي في إعادة بناء علاقة جديدة بين الدولة والمواطن، أساسها الثقة والمسؤولية والفعالية. فهو يجسد بإمتياز نموذج رجل السلطة الذي يتجاوز حدود البروتوكول ليصبح فاعل في التنمية ورافعة للإصلاح، ينصت بصدق ويواكب بجد ويعمل في صمت، مؤمن بأن خدمة الوطن لا تحتاج إلى ضجيج، بل إلى عمل متواصل وإستشراف حكيم. ومن خلال هذا النهج المتبصر، تبرز جهة سوس ماسة اليوم كأحد أهم النماذج الترابية التي تجسد رؤية جلالة الملك في “سلطة قريبة من المواطن، خادمة للتنمية ومؤمنة بأن الكرامة أساس كل تنمية حقيقية”.
د/ الحسين بكار السباعي
محلل سياسي وخبير إستراتيجي.



