مجتمع

مقر عمالة إنزكان أيت ملول يحتضن لقاءاً تشاورياً موسعاً لإعداد الجيل الجديد من برامج التنمية الترابية المندمجة.

في إطار الدينامية الوطنية الجديدة التي أطلقها صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله وأيده، والرامية إلى إرساء نموذج تنموي جهوي متكامل يضع الإنسان في صلب التنمية ويعزز أسس العدالة المجالية والتماسك الاجتماعي، احتضن مقر عمالة إنزكان أيت ملول، صباح يوم الثلاثاء 11 نونبر 2025، أشغال اللقاء التشاوري الأول لإعداد الجيل الجديد من برامج التنمية الترابية المندمجة برئاسة السيد محمد الزهر، عامل عمالة إنزكان أيت ملول،و بحضور السيد السيد الكاتب العام للعمالة و السيد رئيس مجلس العمالة و السادة رؤساء الجماعات الترابية و السادة رؤساء المصالح الخارجية و الأمنية و السادة ممثلو المجتمع المدني و السادة ممثلو المنابر الإعلامية الرسمية، الذين ساهموا جميعاً في إثراء النقاش وتقديم تصورات عملية حول سبل تطوير البرامج التنموية المقبلة.

ويأتي هذا اللقاء في سياق تنزيل التوجيهات الملكية السامية الداعية إلى اعتماد مقاربة متجددة في إعداد البرامج التنموية، قوامها الالتقائية والفعالية والبعد الميداني، بما يضمن حسن توجيه الاستثمارات العمومية وتعزيز تنافسية الأقاليم والعمالات باعتبارها فضاءات فاعلة في التنمية المستدامة.

وفي كلمته الافتتاحية بالمناسبة، أكد السيد عامل عمالة إنزكان أيت ملول أن هذا اللقاء يشكل لبنة أساسية في مسار إعداد رؤية ترابية مندمجة تستجيب للانتظارات المشروعة لساكنة العمالة، مشدداً على أن المرحلة الراهنة تقتضي الانتقال إلى جيل جديد من البرامج التنموية يقوم على التشخيص الدقيق والبرمجة الواقعية والتتبع الميداني المستمر. وأوضح أن التحديات التي تفرضها التحولات الديموغرافية والاقتصادية والاجتماعية تستدعي اعتماد مقاربة تشاركية تجعل من الفاعل المحلي شريكاً أساسياً في صياغة القرار التنموي، مؤكداً أن الغاية المنشودة هي تحقيق العدالة المجالية وتحسين جاذبية المجال الترابي عبر مشاريع ذات أثر ملموس على حياة المواطنين.

كما أبرز السيد العامل أن الرهان التنموي للمرحلة المقبلة يتمثل في تحقيق التوازن بين متطلبات التنمية الحضرية وتحديات الوسط القروي، مع تعزيز الخدمات الاجتماعية الأساسية، وتثمين المؤهلات الاقتصادية والبشرية التي تزخر بها العمالة، انسجاماً مع الرؤية الملكية السامية الهادفة إلى بناء تنمية مجالية دامجة ومستدامة.

وعقب الكلمة الافتتاحية، قدّم السيد الكاتب العام لعمالة إنزكان أيت ملول عرضاً مستفيضاً تضمن تشخيصاً ترابياً شاملاً، أبرز من خلاله أهم المؤشرات الديموغرافية والاقتصادية والاجتماعية التي تميز المجال الترابي للعمالة، مبيّناً أن عدد سكانها يبلغ حوالي 636,916 نسمة وفق إحصاء سنة 2024، بكثافة سكانية مرتفعة تصل إلى 2144 شخصاً في الكيلومتر المربع الواحد، ونسبة تمدن تقارب 95.1%، ما يجعلها من أكثر المجالات كثافةً وحيويةً على مستوى جهة سوس ماسة.

ورغم الدينامية الاقتصادية الملحوظة التي تعرفها العمالة في قطاعات الصناعة والتجارة والخدمات، فإنها تواجه تحديات هيكلية تتمثل أساساً في ارتفاع معدل البطالة، والضغط المتزايد على الخدمات الأساسية، وضرورة الحد من الفوارق بين الوسطين الحضري والقروي. وأكد العرض أن هذه الإشكالات تستدعي رؤية مندمجة تعزز البنية التحتية، وتحفّز الاستثمار، وتدعم القطاعات الاجتماعية ذات الوقع المباشر على الساكنة.

وفي القطاع الصحي ، أظهر التشخيص أن هذا المجال يظل من القطاعات ذات الأولوية في البرنامج الجديد، بالنظر إلى الخصاص المسجل في الموارد البشرية والتجهيزات الطبية، إذ يبلغ عدد السكان لكل طبيب عام 9952 شخصاً مقابل 2514 وطنياً، فيما يبلغ عدد السكان لكل ممرض 1901 شخص، مقابل 918 وطنياً. ومع ذلك، يُسجل تحسّن تدريجي في مؤشرات الخدمات الصحية، من خلال بلوغ معدل الأسرة لكل ممرض 0.93، متجاوزاً المعدل الوطني البالغ 0.8. ويُنتظر أن يشكل الجيل الجديد من البرامج التنموية فرصة لتقوية العرض الصحي بالعمالة عبر إحداث بنيات جديدة وتأهيل المراكز القائمة، ضماناً لعدالة الولوج إلى الخدمات الصحية الأساسية.

أما في قطاع التربية والتكوين، فقد سجلت عمالة إنزكان أيت ملول تقدماً ملحوظاً في معدلات التمدرس وجودة العرض التربوي، حيث بلغت نسبة التمدرس في السلك الابتدائي 100.96%، وفي التعليم الأولي 88.20%، مع تراجع معدل الهدر في السلك الإعدادي إلى 5.73%، وهو معدل أدنى من المتوسطين الجهوي والوطني. ويضم الإقليم 157 مؤسسة تعليمية تحتضن أزيد من 127 ألف تلميذ وتلميذة، مما يعكس الجهود المتواصلة للارتقاء بالتعليم باعتباره رافعة أساسية لتحقيق التنمية البشرية.

وفي ما يتعلق بالبنيات التحتية والخدمات الأساسية، فقد أظهرت المعطيات نسب ربط متقدمة تتجاوز المعدلات الجهوية والوطنية، حيث بلغت نسبة الربط بالماء الصالح للشرب 98.30%، وبالكهرباء 99.20%، وبشبكة التطهير السائل 85%، منها 98% بالوسط الحضري و75% بالوسط القروي. كما سجلت العمالة تطوراً هيكلياً في تدبير الموارد المائية عبر اعتماد مصادر غير تقليدية كالتحلية والتصفية بإنتاج بلغ 1.401 مليون متر مكعب، مما يعكس وعياً مؤسساتياً متقدماً بأهمية الأمن المائي في مواجهة التغيرات المناخية.

وفي ما يخص البنية الطرقية، يبلغ طول الشبكة المصنفة داخل العمالة 71.58 كيلومتراً، منها 29.46 كلم من الطرق الوطنية و25.92 كلم من الطرق الجهوية، بحالة جيدة، فيما تتطلب الطرق الإقليمية التي تمتد على طول 16.2 كلم دعماً إضافياً لتعزيز الربط الترابي وتحسين انسيابية التنقل داخل المجال الاقتصادي الحيوي للعمالة.

ويحتل قطاع التشغيل مكانة محورية ضمن أولويات الجيل الجديد من البرامج الترابية المندمجة، باعتباره رافعة أساسية للتنمية الاجتماعية ومحركاً رئيسياً لجاذبية العمالة. وقد تم التأكيد خلال اللقاء على ضرورة تعزيز المبادرات الموجهة لدعم الاستثمار المحلي، وتحفيز روح المقاولة الذاتية، واستثمار مؤهلات العمالة في مجالات الصناعة والخدمات والفلاحة، بما يسهم في خلق فرص شغل مستدامة والحد من البطالة.

وقد شهدت أشغال هذا اللقاء تفاعلاً إيجابياً ومثمراً بين ممثلي جمعيات المجتمع المدني والسادة مؤطري اللقاء، حيث تمت مناقشة مختلف القضايا التنموية في جوٍّ من المسؤولية الوطنية والالتزام الجماعي، عكس روح الانخراط البناء التي تميز الفاعلين المحليين في سبيل إنجاح هذا الورش الاستراتيجي.

وفي ختام اللقاء، أكد المتدخلون أن هذا الموعد التشاوري يشكل خطوة أساسية نحو بلورة برنامج تنموي ترابي مندمج يستجيب لتطلعات الساكنة، ويرتكز على مبادئ الالتقائية والنجاعة والاستدامة. كما تم الاتفاق على تنظيم ورشات قطاعية متخصصة لتدقيق الأولويات وتحديد المشاريع ذات الوقع المباشر على حياة المواطنين، مع الحرص على ضمان العدالة المجالية وتحقيق التنمية الشاملة.

وتواصل عمالة إنزكان أيت ملول، تحت القيادة الرشيدة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله وأيده، ترسيخ مسارها التنموي الطموح عبر اعتماد رؤية مندمجة تستثمر في الإنسان والمجال، وتجسد على أرض الواقع الإرادة الملكية السامية في بناء مغرب مزدهر.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
ر

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock