هل هكذا يتحدث محامٍ؟ تجاوز الأخلاقيات وانهيار الخطاب القانوني

مكتب القنيطرة/عزيز منوشي
أثار مقطع فيديو متداول على مواقع التواصل الاجتماعي موجة واسعة من الاستنكار والغضب، بعدما خرج شخص يُقدَّم على أنه محامٍ بتصريحات صادمة ومهينة في حق والدة الناشط إلياس المالكي، متهمًا إياها بعبارات خادشة للحياء ولاقى سخرية وقسوة كبيرة من قبل الرأي العام.
ما يزيد الأمر خطورة أن الخطاب لم يقتصر على الإساءة للمرأة المسنّة، بل طالت الاتهامات نفسها حياة ابنها الخاصة، حيث وُجّهت إليه اتهامات خطيرة تمس شخصيته وكرامته، في خرق واضح للقانون وأخلاقيات المهنة.
إن أخطر ما في هذه الواقعة ليس فقط الكلمات الساقطة، بل السياق الذي صدرت فيه، إذ أتى عن شخص يُفترض أنه حارس للقانون، ويعرف أن احترام الكرامة الإنسانية جزء لا يتجزأ من مهنة المحاماة. حين يُنعت شخص أو أمّ بألفاظ مسيئة، ويُتهم الابن بمثلية لم تثبت، فإننا أمام سقوط مزدوج: سقوط الخطاب القانوني وسقوط القدوة المهنية.
محاربة التفاهة أو الرد على أي تصرف مشين لا يمكن أن يتم بإنتاج تفاهة أشد منها، ولا بتوجيه إساءات علنية، ولا بتحويل مواقع التواصل إلى ساحات للتشهير. القانون والأخلاق يحتمان ضبط اللسان، واحترام الآخر، خصوصًا من يحمل صفة مهنية ملزمة بالمسؤولية.
استمرار الصمت أمام هذا النوع من الخطاب يهدد بتطبيع الإهانة ويضعف الثقة في المؤسسات القانونية والمهنية، ويجعل المجتمع أكثر عرضة لانتهاكات رمزية وأخلاقية خطيرة.
من هذا المنطلق، يجب أن تكون الرقابة على الخطاب القانوني والأخلاقي واجبًا مجتمعيًا، مع ضرورة محاسبة كل من يخالف القيم المهنية والقانونية، حماية للكرامة الإنسانية وصيانة لمصداقية القانون والمهنة.



