مقالات و آراء

هل القانون يحقق الإنسانية، أم الإنسانية هي التي تحققه ؟

للأستاذ عبد الصمد شني

“… يقول روسكو باوند Nathan Roscoe Pound الباحث الأمريكي: <<إن القانون هو علم الهندسة الاجتماعية الذي يتحقّق من خلاله تنظيم العلاقات الإنسانية في المجتمع المنظم سياسياً أو الضبط الاجتماعي عن طريق الاستخدام المنهجي المطرد لقوة المجتمع المنظم سياسيا>> انتهى ..

إن واضعوا القانون في المجتمعات المنظمة يعتمدون على العامل الإنساني حتى يتمكنوا من صياغته -أي القانون- يكون له الأثر الإيجابي على المجتمع، ويحقق له الأمن الإنساني والتوازن النفسي، والإستقرار الإجتماعي، فإن لم يكن له هذه الأدوار فما الغاية منه ؟؟

لذلك فإن دور القانون يظهر جليا في المجتمعات السياسية الأكثر تنظيما وتطورا، والتي تسعى دوما إلى تجويد القاعدة القانونية لكي تسير والمجتمع سواء، أما المجتمعات المتخلفة سياسيا فإن قانونها ينعكس سلبا عليها، لأن واضعه ليست له الدراية الكافية بعمق مجتمعه، ولا هو ذو الحنكة الكافية، أو الكفاءة الكبيرة لكي يكون مشرعا وطنيا صادقا..

يقول بعض الناس: عندما ينظر القاضي في قضية معينة، لا يستحضر العامل إلانساني للنطق بالحكم تجاه بعض المجرمين، وهل هؤلاء استحضروه عندما اقترفوا جرائمهم في حق الناس ؟
لذا، فأني أعي جيدا أن القانون يحقق الإنسانية تجاه الضحايا الذين يفقدون حياتهم، أو أموالهم، أو معيلهم، أو الذين يمسون في عرضهم وشرفهم، وكرامتهم، وهكذا فإن تحقيق مبدأ الإنسانية في تشريع القوانين يصنع منه عدالة تسمو على الجميع، ومنهم المجرم الذي ينبغي أن يتمتع بمحاكمة عادلة ضمانا لكل حقوقه وصونا لها، حتى يضمن لنفسه رجوعا وتوبة للصواب..

فالقانون يعيد للجميع الاعتبار، ويعوضهم كلا أو جزء مما ضاع منهم.

مثلا: القانون الجنائي إنساني في حق الضحايا لكنه متعاطف مع المجرمين حينما يقر لهم ظروف التخفيف، فيجعل المعادلة صعبة تتمحور بين العاطفة والإنسانية، – وكما سبق وكتبت في مقالة “العاطفة والقانون”، فإن القاضي حينما ينظر في أحد القضايا فإنه يضع قلبه خارج مقر الجلسات حتى يستطيع الحياد قدر الإمكان ويعيد الاعتبار لمن ضاع حقهم كله أو جزء منه، حتى وإن كانت بعض الحقوق لا تعوض ماديا كحق الحياة، باعتباره حقا أصيلا حماه الله عبر الزمن..

مثلا: المجرم الذي ارتكب جرائم متعددة أو مركبة، أضاع إنسانية ضحاياه، ولم يكن لهم أي أجير يستجيرون به سوى من يعيد لهم إنسانيتهم في إطار القانون…”
يتبع…

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock