مجتمع

كلمة المستشارة البرلمانية سليمة زيداني خلال الاحتفال باليوم الأممي للمرأة حول موضوع “التمكين الاقتصادي للمرأة بالمغرب”.

عزالدين بلبلاج

في إطار الاحتفال باليوم العالمي للمرأة الذي يصادف الثامن من شهر مارس كل سنة؛ وإيمانا بالدور الكبير الذي تلعبه المرأة داخل المجتمع بكافة مستوياته، نظم الفضاء الوطني للسياسات العمومية والمركز المغربي للدراسات والابحاث في حقوق الانسان والاعلام والائتلاف الدولي للسلم والتسامح وحقوق الانسان وجمعية نوستالجيا الحي المحمدي للثقافة والابتكار، مائدة مستديرة حول موضوع “التمكين الاقتصادي للمرأة بالمغرب”، وذلك يوم الجمعة 10 مارس 2023 بفضاء المواكبة والتأطير في البحث العلمي بالصخور السوداء.

وشارك في هذه المائدة المستديرة نخبة من الكفاءات النسائية الفاعلة في العديد من المجالات الحيوية بالمغرب “سليمة زيداني مستشارة برلمانية مديرة مركز السلام الصناعي التقني والمهني”؛ “مينة حجيب إعلامية عضو اللجنة الجهوية لحقوق الانسان بجهة الدار البيضاء-سطات”؛ “كريمة غراض باحثة في العلوم السياسية والقانون الدستوري وعضو المركز الدراسات والابحاث في العلوم السياسية؛ “لبنى الكحلي باحثة في الاقتصاد التطبيقي وعضو المكتب التنفيذي لمنتدى الزهراء للمرأة المغربية”؛ وأطر فعاليات هذه المائدة الأستاذة “زينب التجاني محامية وعضو الفضاء الوطني للسياسات العمومية.

وشاركت السيدة سليمة زيداني مستشارة برلمانية بعرض قيم خلال هذه المائدة المستديرة الخاصة بالمرأة والاقتصاد جاء كالآتي:

باسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على أشرف المرسلين
الحضور الكرام بادئ ذي بدأ أبارك لكم جميعا هذا الشهر المبارك كما أني سعيدة بتواجدي معكم في هذا اللقاء المنظم بمناسبة اليوم العالمي للمرأة والذي يصادف الثامن من مارس من كل سنة.
مداخلتي ومساهمتي في هذا اللقاء التواصلي المنظم تحت شعار # التمكين الإقتصادي للمرأة المغربية # اخترت له كعنوان * المرأة المغربية بين غنى الأصالة وتحديات الحداثة … التمكين السياسي والاقتصادي * أي بإضافة الجانب السياسي إلى الاقتصادي
، وذلك من منطلق أن كل تمكين للمرأة من حقوق في أي مجال من مجالات الحياة لن يتم إلى عبر قاطرة إسمها السياسة.

إذا كانت الأسرة هي اللبنة الأولى لبناء المجتمع فإن دعامته الأساسية هي المرأة فهي التي تصنع الأجيال وبين أحضانها يتعلم الأطفال أول خطوات حياتهم ليصبحوا فيما بعد رجال ونساء المستقبل.

وتظهر أهمية المرأة كعنصر فاعل داخل الأسرة والمجتمع حيث أضحت وظيفتها بعد التحولات العديدة التي عرفتها وضعيتها خلال السنوات الأخيرة المتمثلة في الكثير من المستجدات المليئة بالعديد من الدلالات ماجعلها تتميز بنوع من الخطورة والحساسية ذلك أن موضوع المرأة له ارتباط بالإشكالية المحورية للمجتمعات الإسلامية الحاضرة : إشكالية الأصالة والمعاصرة ، إشكالية الهوية والأممية، فالبلدان الإسلامية تجد نفسها منقسمة بين الرغبة في الحفاظ على أصالتها وهويتها الغنية ، التي هي نتاج إرث حضاري و تاريخي هائل ، وبين الرغبة الملحة في الانفتاح على مستحدثات العصر الحاضر وعلى قواعد النموذج الأممي خاصة بعدما عمل المغرب على رفع كل التحفظات على اتفاقية ( سيداو ) الاتفاقية الدولية التي تدحض كل تمييز تجاه المرأة ومنحها كل حقوقها الدستورية والقانونية.

اذا انطلاقا من هذا المعطى الإيجابي عرفت وضعية المرأة ما بعد سنوات التسعينيات عدة تحولات اقتصادية واجتماعية وسياسية على الرغم من أن حقوقها القانونية والدستورية كانت مضمونة مند سنة 1962 حيث كان المغرب من الدول السباقة إلى الإقرار بالحقوق السياسية للمرأة ما أكد وقتها على أن هناك إرادة حقيقية لدعم المرأة وتموقعها في مراكز القرار على جميع الأصعدة سواء لدى السلطات العمومية أو المجتمع المدني وتجلى ذالك في تعيين مجموعة من النساء في مناصب سامية ( كاتبة الدولة – مندوبة سامية – مكلفة بمهمة بالديوان الملكي – سفيرة لدى اليونيسكو … ) ثم انتخاب مجموعة من النساء كنائبات بالبرلمان بغرفتيه.

من ضمن المبادرات التي تمت في هذا المجال كذلك تعديل أو إلغاء بعض النصوص القانونية التي كانت محل انتقاد على اعتبار المكانة غير اللائقة التي كانت تخصصها للمرأة ومنها :
* تعديل مدونة الأحوال الشخصية سنة 1993 * تغيير قانون البورصة الذي كان يمنع المرأة من ولوج البورصة والتعاطي لأنشطتها
* إلغاء الفصل 726 من قانون الالتزامات والعقود الذي كان يمنع المرأة من تأجير خدمتها الا بعد الحصول على موافقة زوجها الذي كان له الحق في في فسخ عقد الإجارة الذي تبرمه الزوجة دون قبوله
*إلغاء الفصل السادس من القانون التجاري ، الذي كان يشترط حصول المرأة على إذن الزوج قبل ممارسة التجارة
إذن بعد كل ما تقدم يمكن القول أن موضوع المرأة يعد واجهة من واجهات الصراع الطويل الأمد بين أنصار الحداثة وأنصار الإتجاه المحافظ وهو موضوع ذو حساسية مفرطة في المجتمعات الإسلامية عامة ويشكل ملجأ الخصوصيات الوطنية وتتحكم فيه اعتبارات دينية ، في مقابل النموذج الأممي الذي أصبح يفرض ذاته في الوقت الحالي بحكم عالميته وبحكم تبنيه من قبل منظمات دولية وقارية ، تعد الدول الإسلامية عضوة فيها.
من هنا يمكننا الجزم بأن النساء في الحياة السياسية قد حققن تقدما ملموسا بفضل الإصلاحات والإستراتيجيات التي وضعتها المملكة والتي تهدف بالأساس إلى تحقيق المناصفة بين الجنسين كمبدأ يتقاطع مع مختلف جوانب الحياة الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والرياضية وذلك من مبدأ أنه لا يمكن تحقيق أي تنمية فعلية دون المشاركة الفعلية للمرأة في تدبير الشأن العام وهو ما انعكس إيجابا على تمثيلية المرأة في مراكز القرار وهنا أعني بداخل البرلمان المغربي بغرفته النواب والمستشارين حيث ارتفع العدد من 30 مقعدا الذي خصصه نظام الكوتا المعمول به سنة 2002 إلى 60 سنة 2011 واليوم إلى 90 مقعدا موزعة كالتالي 12 مقعدا بالدارالبيضاء و 10 بكل من فاس مكناس والرباط سلا 8 في طنجة تطوان 7 في كل من الشرق وبني ملال وسوس 6 في درعة 5 بكل من العيون وكلميم و 3 بالداخلة حيث تبلغ نسبة التمثيلية ب 34 ، 17 من أجمالي المترشحين.

كذلك على صعيد المجالس المحلية جماعات حضرية ومقاطعات وجماعات قروية حيث عرف العدد قفزة نوعية سواء فيما يتعلق بالمترشحات أو الفائزات بمقاعد وكثيرات منهن يوجدن على رأس هذه المجالس ويكفي هنا الذكر بتواجد ثلاثة نساء على رأس أكبر الجماعات الحضرية بالمغرب : السيدة نبيلة الرميلي على رأس جماعة الدارالبيضاء ، السيدة أسماء أغلالو على رأس جماعة الرباط والسيدة فاطمة الزهراء على رأس جماعة مراكش بالإضافة إلى العديد من رئيسات المجالس القروية هذا دون أن أنسى بالذكر أنه بعيدا عن المجال السياسي هناك العديد من النساء في مراكز القرار.

هكذا نرى أن نضالات ومطالب النساء المغربيات لم تذهب سدى بعدما تجاوب المشرع المغربي على فترات مع هذه النضالات والمطالب وذلك من خلال تعزيز حضور المرأة المغربية في الهيئات المنتخبة عن طريق سن العديد من القوانين التنظيمية الخاصة بالمنظومة الانتخابية بهدف تشجيع تكافؤ الفرص بين الرجال والنساء سواء تعلق الأمر بمجلس النواب بغرفته أو بداخل المجالس المحلية جماعات حضرية وقروية ومقاطعات.

أما بخصوص التمكين الإقتصادي يمكن القول بأن المرأة المغربية حققت قفزات نوعية في حقول مهنية عديدة وتمكنت من كسر صورة الوظائف النمطية التي لطالما كانت حبيسة لها مساهمات بذالك في تقدم التنمية من خلال خلق مقاولات ناجحة رغم صعوبة هذا المجال والمنافسة الشديدة فيه ، وقد استطاعت العديد من سيدات الأعمال والمقاولات من فرض ذواتهن في مجال المال والأعمال في شتى الميادين والمشاريع التجارية والصناعية هذا وحسب بعض الإحصائيات فإن 60 بالمائة من سيدات الأعمال بالمغرب يتوفرن على مستوى ثقافي علي وتكوين دراسي جامعي ومنهن من ثم اختيارهن ضمن نساء الأعمال الأكثر نقودا وتأثيرا بالعالم العربي هذا دون استثناء المقاولات الصغرى والمتوسطة والذي يبلغ حسب المرصد المغربي للمقاولات الصغرى والمتوسطة 16 ، 1 بالمائة وهو معدل يبقى بالمنخفض مقارنة بالمعدل الدولي 43 ،2 بالمائة سنة 2019 .

وكما ذكرت سابقا ثلاثة من الأسماء الامعة في تدبير الشأن المحلي فأني كذالك سأقتصر على أربعة مثيلاتهن من نساء وسيدات الأعمال والمقاولات حيث من أبرزهم نجد السيدة مريم بنصالح على رأس أكبر شركة للمياه المعدنية بالمغرب (والناس ) وهي عضو بملتقى دافوس الإقتصادي وعضو بالمجلس العربي للأعمال ……….. كذالك السيدة سعيدة العمراني على رأس مجموعات اقتصادية هامة ( هوليدينغ سفاري ) لأستيراد وتسويق أشهر أنواع السيارات الفخمة ثم خالدة أزبان الملقبة بملكة العطور بالمغرب المتواجدة على رأس شركة متخصصة في إنتاج وتسويق العطور ومستحضرات التجميل وأخيرا لأن القائمة طويلة والزمن لايسمح بذكر الجميع فأني سأقتصر على ذكرا اسم سلوى بلقزيز وهي من نساء الأعمال المثقفات والحاصلة على العديد من الشهادات العلمية الهامة وهي تعمل في مجال المعلوميات.
وشكر على سعة صدركم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock