مجتمع

ذكرى استرجاع إقليم واد الدهب محطة مجيدة من تاريخ الوطن تشهد عليها عملية “قدر” 11 غشت 1979 .

في يوم السبت 11 غشت 1979الموافق 18 رمضان 1399 رفع العلم المغربي فوق مبنى عمالة الداخلة ليعلن دخول منطقة واد الذهب لحضن الوطن الأم.
كل سنة، يحتفل المغاربة بهذا الحدث العظيم ،في 14 غشت لكن غالبيتنا يجهلون دور القوات المسلحة الملكية وتضحيات جنودنا وحتى اسم عملية “قدر”.
لذلك لابد لنا من تسليط الضوء على محطة مشرفة من محطات استكمال وحدتنا الترابية
و الدور الكبير الذي لعبته القوات المسلحة الملكية بقيادة المغفور له الملك الراحل الحسن الثاني في هذا الحدث التاريخي تكريسا لدورها في حماية الوطن و الدفاع عن أراضيه الحقة و شرف الأمة و مصيرها.

1 – نظرة تاريخية :
بعد نجاح المسيرة الخضراء المظفرة التي أمر بها جلالة الملك الراحل الحسن الثاني ، تنازلت إسبانيا، بموجب اتفاق مدريد في 14 نونبر 1975، عن الصحراء للمغرب الذي استعاد منطقة الساقية الحمراء ولموريتانيا منطقة واد الذهب التي أطلق عليها الموريتانيون اسم تيريس الغربية لكن المملكة لم تتوقف يوما عن المطالبة بكامل الصحراء الإسبانية السابقة.
بدعم من الجزائر و ليبيا القذافي، بدأت جبهة البوليساريو بشن هجمات على مواقع مغربية وموريتانية، هذه الأخيرة كان لديها جيش صغير غير مجهز وموزع على الأراضي الموريتانية الشاسعة. لتنتهز البوليساريو الفرصة لضرب الموريتانيين ليس فقط في الصحراء ولكن أيضًا في موريتانيا. تعرضت المدن الموريتانية لهجمات متكررة ، و من ذلك منجم الحديد الرئيسي في الزويرات، حيث تم اختطاف الكوادر الفرنسيين من قبل البوليساريو ما عرض إنتاج الثروة الأساسية للبلاد للخطر، ما دفع الرئيس الموريتاني المختار ولد داداه لطلب المساعدة من المغرب، فتم إبرام اتفاق دفاع مشترك بين نواكشوط والرباط في ماي 1977.
أرسل المغرب بموجب هذا الاتفاق 6000 عسكري إلى موريتانيا وسرب مقاتلات من طراز F-5A كما تم إرسال 3000 من الجنود بتيريس الغربية بكل من الداخلة و بئر أنزران
في يوليوز 1978، أطيح بالرئيس الموريتاني بانقلاب عسكري بقيادة العقيد مصطفى ولد محمد سالك. هذا الأخير سيبذل قصارى جهده لفك الارتباط عن تريس الغربية ولكن ليس بالتنازل عنها للمغرب ، الذي نشر الرجال والمعدات للدفاع عن موريتانيا، لكن بالتوقيع في الجزائر العاصمة في 5 غشت 1979 على اتفاق انسحاب موريتانيا من وادي الذهب. شعرت المملكة بالخيانة، فقامت بعملية “قدر” لتستعيد وادي الذهب العزيز.

2 – القوات بالميدان:
كما ذكرنا سابقًا ، كان للقوات المسلحة الملكية وحدات في موريتانيا قوامها 6000 رجل بقيادة الكولونيل الراحل حسن بنميرة متوزعة كالآتي :
غرب موريتانيا:
– منطقة نواذيبو ، 3emeGLS (مجموعة الثالثة الخفيفة للأمن) بقيادة الكولونيل محمد بريغي إضافة لسرب مقاتلات من طراز F-5A.
-منطقة نواكشوط ، الفوح الرابع من اللواء الأول للمشاة المظليين بقيادة الليوتنون كولونيل إدريس لمنور (تقاعد برتبة جنرال دوبريغاد متوفى الآن الله يرحمو).
-منطقة بولنوار ، عدة سريات مشاة.
شرق موريتانيا:
-منطقة أطار‎ ، فوج مشاة.
-منطقة تميميشات ، عدة سريات مشاة.
-منطقة اكجوجت، عدة سريات مشاة.
-منطقة زويرات ، فوج مشاة بقيادة الكومندار أحمد جرار (كولونيل ماجورمتقاعد).
-منطقة عين بن تيلي عدد من سريات المشاة.
-منطقة بير مغرين ، عدة سريات مشاة.
وادي الذهب:
منطقةالداخلة ، الفيلق الحادي عشر للمشاة المحمولة 11e RIM بقيادة الكولونيل بوشعيب فارس الدين (كولونيل ماجور متقاعد ندعو له بالشفاء) سرب مدرع و سرب مقاتلات من طراز F-5A إضافة لمروحيات وطائرات نقل (كما يظهر في الفيديو)
– منطقة بئر أنزران ، 1eBIS (الفوج الأول لمشاة القطاع) بقيادة الكومندار لحسين مزرد ( الآن برتبة جنرال دوبريغاد ) بطارية مدفعية من 8eGAR (المجموعة الثامنة للمدفعية الملكية) بقيادة الكابتان عبد الكريم محفوظ ( الآن برتبة كولونيل ماجور رحمه الله ) ، جريح حرب ، وسرب مدرع.

3- تقدم العملية:
عقب الانسحاب الموريتاني، أمر جلالة الملك الراحل الحسن الثاني بسحب القوات المغربية المتمركزة في موريتانيا إلى إقليم وادي الذهب. حيث انتقلت الوحدات المتمركزة في شرق موريتانيا باتجاه أوسرد وأم دريگة وتيشلة والوحدات المتمركزة في غرب موريتانيا باتجاه الداخلة.
و في 10 غشت 1979، وصل الوزير الأول الموريتاني الليوتنون كولونيل حيد الله إلى الرباط لتنسيق خروج القوات الموريتانية من إقليم واد الذهب المغربي.
و في 11 غشن 1979 أقلعت طائرات C-130H التابعة للقوات الملكية الجوية من القاعدة الجوية الأولى بسلا لإسقاط المظليين حول الداخلة ، في حين نشرت البحرية الملكية قوات الكوماندوز البحرية والمشاة البحرية بميناء الداخلة. حامية الداخلة قامت بنشر قواتها و أمنت المدينة. .
اعتقاد البوليساريو أنها انتصرت بعد التوقيع مع الموريتانيين على اتفاق الجزائر سيتوقف بعد معركة بئر أنزران .

و للإشارة فإن الجنرال دوكور دارمي عبدالفتاح الوراق المفتش العام الحالي للقوات المسلحة الملكية السابق والمتقاعد حاليا لضروف صحية ومرضية ، شارك في هذه العملية حيث كان أنذاك ضابطا برتية ليوتنون بالفيلق الحادي عشى للمشاة المحمولة 11eRIM.
مكنت هذه العملية من استعادة إقليم وادي الذهب لحضن الوطن بعد سنين من الفراق بسبب الاستعمار ، حيث عبر أبناء القبائل الصحراوية عن فرحة كبيرة لدى استقبالهم لجلالة الملك الراحل الحسن الثاني مجددين البيعة التاريخية لأجدادهم لملوك الدوحة العلوية الشريفة و تشبتهم بأهذاب العرش العلوي المجيد لتنطلق مسيرة طويلة من التنمية المتواصلة غيرت بشكل جدري وجه المنطقة دون أن تمس بخصوصيتها و لا نمط عيش سكانها أو ثقافتهم.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock