إبراهيم عقيل: العقل المدبر لحزب الله وسر الغموض وراء قيادته العسكرية
إبراهيم عقيل، المعروف بلقب “الحاج تحسين”، كان أحد القيادات العسكرية البارزة في حزب الله اللبناني. وُلد عقيل في جنوب لبنان في بيئة شيعية محافظة، وهو من أوائل المقاتلين الذين انضموا إلى الحزب منذ نشأته في الثمانينيات. يُعد عقيل من المؤسسين الأساسيين لحزب الله ولعب دوراً كبيراً في تشكيل استراتيجياته القتالية ضد إسرائيل.
مسيرته العسكرية وأدواره داخل الحزب:
بدأ عقيل مسيرته العسكرية في بداية الثمانينيات، حيث كان جزءاً من الجيل الأول لحزب الله الذين حاربوا الاحتلال الإسرائيلي في جنوب لبنان. تميز بشخصية غامضة ومتحفظة، إذ كان يعمل بعيداً عن الأضواء، ملتزماً بالنهج السري الذي يتبعه الحزب في العمل العسكري.
كان عقيل قائداً لوحدة الرضوان، وهي قوات النخبة التابعة لحزب الله، وتعتبر واحدة من أقوى الوحدات داخل الحزب. تولى مسؤولية قيادة العمليات العسكرية والتخطيط للعديد من الهجمات ضد إسرائيل، بما في ذلك معارك حاسمة أسهمت في تحرير جنوب لبنان عام 2000. إلى جانب دوره في العمليات العسكرية، كان عقيل مسؤولاً عن تطوير قدرات الحزب الصاروخية، مما عزز من مكانة حزب الله كقوة عسكرية رئيسية في لبنان.
نشاطاته في الثمانينيات وعلاقاته بتنظيم الجهاد الإسلامي:
في الثمانينيات، كان عقيل عضواً رئيسياً في تنظيم “الجهاد الإسلامي”، وهي خلية تابعة لحزب الله ارتبطت بالعديد من العمليات الإرهابية ضد المصالح الأمريكية. أبرز هذه العمليات كان تفجير السفارة الأمريكية في بيروت في أبريل/نيسان 1983، والذي أسفر عن مقتل 63 شخصاً، بالإضافة إلى الهجوم على ثكنات مشاة البحرية الأمريكية في أكتوبر/تشرين الأول 1983، الذي أدى إلى مقتل 241 جندياً أمريكياً.
وبالإضافة إلى هذه العمليات، أشرف عقيل على عمليات اختطاف رهائن أجانب، بينهم أمريكيون وألمان، في لبنان خلال الثمانينيات. هذه الأنشطة جعلت عقيل هدفاً أساسياً للولايات المتحدة التي صنفته كإرهابي ورصدت مكافأة مالية تصل إلى 7 ملايين دولار مقابل معلومات تؤدي إلى القبض عليه.
تصنيفه إرهابياً وعلاقته بالولايات المتحدة:
في 21 يوليو/تموز 2015، صنفت وزارة الخزانة الأمريكية إبراهيم عقيل كإرهابي بموجب الأمر التنفيذي 13582، لكونه يعمل لصالح حزب الله أو نيابة عنه. كما صنفته وزارة الخارجية الأمريكية في سبتمبر/أيلول 2019 كإرهابي عالمي بموجب الأمر التنفيذي 13224. كان عقيل واحداً من الشخصيات التي واصلت العمل في الظل، حيث لم تظهر له أي صور حديثة في وسائل الإعلام، باستثناء صورة قديمة من الثمانينيات.
اغتياله في غارة إسرائيلية:
في يوم الجمعة، تعرض إبراهيم عقيل لعملية اغتيال في ضاحية بيروت الجنوبية بغارة إسرائيلية. وذكرت وسائل إعلام عبرية، بالإضافة إلى مصادر لبنانية، أن عقيل كان المستهدف في الهجوم. رغم شح المعلومات حول نجاح العملية، تؤكد المصادر أن عقيل كان شخصية محورية في المجلس الجهادي لحزب الله، وهي الهيئة العسكرية الأعلى داخل الحزب.
تأثيره ورؤيته الاستراتيجية:
كان عقيل يُعرف بكونه صاحب رؤية استراتيجية في الصراع مع إسرائيل، حيث ركز على تطوير التوازن بين القوة الصاروخية والقتال التقليدي. هذه الاستراتيجية جعلته شخصية مؤثرة في تحديد ملامح المواجهات العسكرية بين حزب الله وإسرائيل، خاصةً في ظل اعتماده على السرية في تحركاته.
علاقته بالقضاء اللبناني:
إلى جانب ملاحقته من قبل الولايات المتحدة، كان عقيل مطلوباً من القضاء اللبناني، حيث ورد اسمه في قضايا تتعلق بمحاولات اغتيال شخصيات سياسية لبنانية، من بينها محاولة اغتيال رئيس الوزراء الأسبق شفيق الوزان.
في النهاية، يبقى إبراهيم عقيل شخصية غامضة وقوية في تاريخ حزب الله، حيث أسهم بشكل كبير في بناء القوة العسكرية للحزب وتطوير قدراته الهجومية والدفاعية، مما جعله هدفاً رئيسياً للولايات المتحدة وإسرائيل على حد سواء.