اليسار الشيعي يبحث عن الملاجئ.
في الساحة السياسية، تتواجد أحزاب قزمية تتطلع إلى إثبات وجودها من خلال الاعتماد على الصورة والإعلام أكثر من اعتمادها على العمل الجاد والمثمر. هذه الأحزاب، التي لا يتجاوز عدد أعضائها في بعض الأحيان عدد أعضاء جمعية مدنية، تسعى إلى الاستحواذ على الأضواء بالارتباط بأحزاب ذات تاريخ وحضور، معتقدة أن ذلك سيمكنها من تعزيز شرعيتها السياسية ووجودها في المشهد العام.
للأسف، نجد أن هذه الأحزاب تركز جهدها على التقاط الصور والتواجد في المناسبات العامة بدلاً من العمل على القضايا الحقيقية التي تهم المواطن. لا يمر حدث إلا ويكون هناك ممثل أو أكثر عن هذه الأحزاب حاضراً، بغض النظر عن مدى ارتباط هذا الحدث بأهدافهم أو برامجهم. الهدف واضح: الظهور الإعلامي والتمويه على عدم وجود رؤية أو خطة عمل فعالة.
ما يثير القلق أكثر هو التهام هذه الأحزاب لميزانيات كبيرة دون تحقيق نتائج ملموسة. إن المخصصات المالية التي تُعطى للأحزاب السياسية يجب أن تُستثمر في العمل الجاد من أجل تحسين أوضاع المجتمع، لكن الواقع يظهر أن جزءاً كبيراً من هذه الميزانية يُهدر في إظهار هذه الأحزاب في صورة قوية، رغم أنها لا تمتلك أي قوة حقيقية في الشارع السياسي.
إن تسابق هذه الأحزاب لالتقاط الصور والمشاركة في الفعاليات ليس سوى غطاء لعدم قدرتها على تقديم حلول حقيقية للمشكلات التي يعاني منها المواطن. فبدلاً من الانكباب على دراسة قضايا وطنية مثل البطالة، الفقر، والتوزيع العادل للثروات، نجدها مشغولة بإنتاج صورة عن نفسها لا تعكس الواقع.
السؤال الذي يطرح نفسه هو: ماذا سيحقق هذا الحزب القزمي أو ذاك إذا استمر في هذا النهج؟ كيف يمكنهم تشكيل أرضيات عمل موحدة لتجسير النضالات حول القضايا الوطنية الحقيقية، السياسية، الاقتصادية والاجتماعية، في حين أنهم عاجزون عن تقديم برنامج عمل حقيقي ومؤثر؟
لا بد من إعادة النظر في كيفية صرف الميزانيات المخصصة للأحزاب. يجب أن تكون هناك معايير دقيقة وشفافة تضمن أن هذه الأموال تُستثمر في العمل السياسي الحقيقي، وأن الأحزاب التي لا تقدم إضافة حقيقية للمشهد السياسي يتم إعادة تقييم وضعها.
إن المسار السياسي يجب أن يُبنى على أسس قوية وواقعية، بعيداً عن الشكليات والصور الفارغة. إن الشعب يستحق أحزاباً تعمل بجد على تحسين أوضاعه، تحترم مقدرات الدولة وتستثمر فيها بشكل يعكس طموحات الأمة.
في النهاية، هزلت الأحزاب القزمية التي تعتقد أن الصورة وحدها يمكن أن تعطيها قوة ومكانة. نحن بحاجة إلى رؤية سياسية جادة، وإلى أحزاب تعي حجم المسؤولية التي تقع على عاتقها، وتعمل بصدق وإخلاص من أجل خدمة الوطن والمواطن.