تفكيك سلطة النص في المسرح نحو إعادة تعريف الإبداع الجماعي. قراءة في مسرحية “كريماس” لفرقة دوبل فاص

المضيق/ سليم الودغي باحث مسرحي إن الكلمة تحترق في مسرحنا المعاصر لكنه يقاوم احتراقها وينهض من رمادها، ننطلق من هذه النتيجة لمعاينة المنجز الإبداعي والمسرحي لفرقة دوبل فاص للمسرح بمرتيل، هذا المنجز الذي جاء بصيغة مسرح واع بضرورة تخليق مسارات مختلفة في التجريب المسرحي عبر الانتقال من سلطة الكلمة والنص المسرحي إلى الانتصار لسلط الركح المتعددة بلغاتها وسيميائياتها، كيف لا وكوادر هذه التجربة فنانون تشربوا مرار الركح ونضبوا من معين حلوه وآسنه،هذا ما يلمسه الباحث في مسرحية “كريماس” العرض المسرحي الجديد لفرقة دوبل فاص للمسرح والذي رأى النور ووصل الجمهور يومه الجمعة الماضية بمسرح لالة عائشة بالمضيق،ننطلق في تحليلنا من اتكاء مخرج العرض، المبدع والأكاديمي، مهدي أحميد، الذي جعل من مسرح القسوة عند “آلان باديو” لغة ركحية سمح لها بالبوح بأسرار عميقة تختلج غوائر الشخصيات الأربعة للمسرحية.
إن مخرج العرض يتجرأ بطرح أسئلة مقلقة كثيرة تنخر هشاشة المسجونين في سجن دائم، سجن كان سؤاله الكبير والذي يلتقي فيه بمسرح القسوة هو: ما الذي يستطيع الجسد مقاومته؟ وعلى أي جسد نحن قادرون؟ وعن هذا السؤال يجيب مهدي على الخشبة أن الإنسان مريض بالضحك وعليل بالابتسامة التي قد تورطه في جرم كبير صمم على نحو سيىء، وحينما نجعل له مبررا للعقاب نحرره من هذه السلوكات الآلية ونجعله بتعبير خالد أمين جسدا راقصا.وهو معنى تحرير الجسد من هيمنة الآخر، الجلاد والذي حضر في المسرحية بشخصية الحارس والمقصود به هو الجسد الذي يولد على الركح راقصا من أجل أن يشوش نظام الجسد كمؤسسة خطابية وانضباطية وعقابية،إن لغة العرض المسرحي كانت قاصدة بمعنى ان السؤال الكبير “لكريماس” هو كيف ننتهي من المسرح السيكولوجي ومن دكتاتورية النص ومن الفصل بين المتفرج والفرجة وذلك من أجل أن نتلافى المسرح التقليدي أي المسرح النصي العقيم والجاف أو التشكيلي للفضاء،إن المشهد الركحي في “كريماس” له سلطة تعلو على كل السلط فلا نص يحكم الشخصيات أو على الأقل لا نص يرى فوق الخشبة لقد استطاع العرض زحزحة الكلمة وتعويضها بالصراخ.