هناك أمل في الإفلات من كورونا.! التزموا أيها المغاربة بالحجر الصحي !
العبارة التي كتبها الشاعر الإيطالي دانتي على باب جهنم في ملحمته الشهيرة تقول :
أيها الداخلون اتركوا وراءكم كل امل في النجاة !
و أجاب نفسه :
بل هناك أمل في النجاة يا سيدي !
الجحيم (بالإيطالية: Inferno) هي الجزء الأول من القصيدة الملحمية الكوميديا الإلهية التي ألفها العبقري الإيطالي دانتي أليغييري في القرن الرابع عشر. و هي من أفضل الأعمال الأدبية العالمية بجميع المقاييس حيث تلقى الملحمة الشعرية على نظرة خيالية بالاستعانة بالعناصر المجازية لوصف الجحيم بحسب المفهوم المسيحي والتي تأثرت بفلسفة القرون الوسطى وكان لها تأثير على تطور الكنيسة الغربية منذ ذلك التاريخ
في الجحيم، حيث مكث يومين، يصف دانتي عذابات من أدخلوا الجحيم بسبب معاصيهم خلال حياتهم ويتعرض إلى تفاصيل التعذيب والألام التي ستصيبهم. ويعتبر دانتي الجحيم مركز الأرض والضرورية لحشر الأشرار وتهيئة الجو لصعود الأطهار إلى مطهر المطهر. ومن ثمة إلى الجنة..
و هي ملحمة ذات عبر و معاني عميقة في أن الأمل دائمآ يبقى في الدخول إلى الجنة و الخروج من الضيق لان غاية الله سبحانه و تعالى ليس التعذيب و انما حث كل من خلق على العمل الصالح .
فهو الذي خلق الموت و الحياة لغاية واحدة ليبلونا اينا احسن عملا و هنا تلتقي كل الديانات السماوية في درء المفاسد و جلب المصالح للإنسان.
و لو عاش دانتي اليوم و نظر إلى ايطاليا التي أراد الملياردير رجل الموضة الشهير جورج أرماني أن يفتديها بكل ثروته حتى لا تسقط لقال للايطاليين كما قال في ملحمته :
نعم ان هناك أمل في الافلات من كرونا .
و في بلادنا و قد انطلقت سيارة الاسعاف محملة بإجماع وطني وراء قائد البلاد محملة بكل ما تحتاجه من معدات و أموال و امكانيات بشرية و معنوية بل قد سبقت سيارات دول اخرى و بسرعة جعلت وسائل إعلام دولية مثل البايس الاسبانية و الواشنطن بوسط الامريكية تتعجب كيف كانت حنكة جلالة الملك و رأيه صائبا عندما اختار سلامة رعاياه و سبقها على الاقتصاد و هي رابطة معروفة بين ما يجمع الشعب المغربي بملوكه اوقات الشدة و الرخاء و لربما غاب عن الاجانب بأن العلاقة تتعدى علاقة حاكم بمحكوم لانها بيعة في عنق الملك من شعب عبر تاريخ مجيد لا فرق فيها بين المغاربة و لا فضل لأحد على غيره امامها لأنها مستنبطة من ديننا الحنيف و تعاليم البيت النبوي الشريف .
و لعل الإجراءات المتخذة من طرف السلطات الرسمية في بلادنا بدأت تأتي أكلها و لعل التضامنات بدأت تستنفر جود و كرم المغاربة و لعل الحنان و العطف و التضامن قد ترجعه كرونا الملعونة و بذلك سوف نسجل كشعب واعي بالخطورة و ملتزم بالوطنية و الثوابت اننا في مستوى تاريخ اجدادنا و ابائنا.
و ما بعض المحاولات لاعتراض طريق هذه السيارة إلا محاولات معزولة كالتي وقعت في بعض المناطق يوم السبت عن طريق استخدام شعارات دينية في غير محلها تنم عن عدم وعي بعض المحرضين عليها و استغلال جهل البعض جوبهت برفض شعبي لها و انتفاضة شعب باكمله ضدها .
و سارت السيارة و قامت بمهمتها تحت إعجاب كل مقومات المجتمع التي أبانت على أن المغاربة يربطون ماضيهم بحاضرهم و في استطاعتهم أن يقاوموا كل المخاطر المحذقة بهم مسلحين بوطنيتهم الصادقة و ايمانهم بالله و ثقتهم في ملكهم.
و قد لخص أحد الأصدقاء الوزراء تصرفات على حائطه الفايسبوكي النازلة في أن الله لا يستجيب الدعاء اذا تم بطريقة خارقة للقانون مستبعدة لمقاصد الشريعة الإسلامية الغراء في حفظ النسل و الحياة و درء المفسدة و جلب المصلحة و أن الله غير محتاج للجهر بالتكبير بما معناه أن ما بني على الباطل فهو باطل .
و لخصته إحدى الصديقات بنقل تدخل القائدة حورية التي دخلت باب المسؤولية في ظرف تاريخي صعب و هي تتفوق على الرجل في مخاطبة المواطن و المواطنة البسطاء بلغتهم و مصطلحاتهم و ابانت عن علو كعب كبير في التواصل معهم و تنبيههم كأنهم أبناؤها و بناتها بحزم في غير حدة و ليونة في غير ردة في ثني سكان دائرتها على الخروج عندما خاطبتهم الواحد تلو الآخر لانها تعرفهم بأسمائهم و اسماء ابائهم كانهم اولادها و بمجرد ما نبهتهم بلغتهم التي يفهمونها اختفوا حياء منها لانهم يحترمونها و عندما يحترم المواطن البسيط المرأة صاحبة السلطة فمعناه أن سلوكها جدير بالاحترام معهم و هو اختبار لها أكثر من موقف سلطوي.
و قد حقق المقطع الذي اختارته الزميلة نسبة مشاهدة و مشاركة و اعجاب جميع المشاركين .
لانه يعبر عندما يحترم رجل السلطة او الامني او القاضي شعور المغربي فإنه هو الآخر يحترمه و يصغي له و هذا لا يتأتى إلا إذا كان يتوفر رجل السلطة على مصداقية و احترام لسلطة تعرف كيف تتعامل معه بحزم و صرامة احيانا و تسامح و انعدام غلظة احيانا أخرى. فيكتسب ثقة المواطن الذي يشعر بأن أمور تدبير شؤونه في ايادي أمينة .
و ذكرني موقف القائدة المحترمة بمقولة سبق أن ذكرتها عن مولاي مصطفى بلعربي العلوي وزير العدل القوي عندما قال عن أحد القضاة الشباب في موقف شبيه بموقف القائدة :
DITES AU JEUNE MAGISTRAT QU IL A MIS LE PIED A L ETRIER.
قولوا للقاضي الشاب انه وضع قدمه في الركاب .
و انا اقول للقائدة بأنها وضعت قدمها في ركاب المسؤوليات و لربما رؤساؤها اعلم اليوم بكفاءتها و شجاعتها في تدبير الشأن العمومي .
لقد حكى لي رجل سلطة متقاعد ذكرتني في تصرفاته القائدة المذكورة ، هو انه لما كان مبتدئا في الستينات كقائد شاب و كانت ظروف عمله تقتدي إخلاء حي صفيحي من سكانه و تحويلهم إلى حي جديد .
و بقي لمدة كبيرة و هو يحاول اقناع البعض منهم الذين رفضوا الانتقال بصفة رضائية محاولين ابتزاز السلطة آنذاك بأخذ أكثر من شقة يستحقونها.
و لما شعر بذلك استدعى جميع السكان لمكتبه و بمجرد التحاقهم ارسل الجرافات و هدم الحي الصفيحي وسلمهم مفاتيح الدور الجديدة و بقعها.
فبادروا إلى عامل الإقليم و تجمهروا أمام العمالة منددين بتصرفه فاستدعاه العامل و سأله ماذا فعل ؟
فأجابه قبل طرح هذا السؤال دعني أسأل سيادتك ؟
الطفل الصغير عندما تذهب به إلى الحلاق و يريد الحلاق أن يزيل شعره و بغسله ما ذا يفعل ؟ بالدارجة ملي تنبغيوا نحسنو ليه ؟
طبعا يبكي يجيب العامل .
و بعد ما ينظر إلى المرايا و يرشه الحلاق بالعطر ما ذا يفعل .
طبعا يبتسم و يقبل الحلاق يجيب العامل .
لذلك لا داعي الان اجابتكم سيدي العامل و لا تتكلم معي فإنني في طور الحلاقة دابا راه احنا تنحسنو غدا ان شاء الله سوف أجيبكم.
و في الغد طلب من العامل زيارة من تجمهر امام عمالته البارحة فاندهش العامل كيف كانوا نفس الأشخاص يرحبون به و يطلبون منه مشاركتهم الشاي في دورهم الجديدة و تذكر ما قاله القائد المجرب بأنهم سوف يضحكون و يتراجعون .
و هو لعمري سلوك لا يمكن أن يأتي من العبث لان السلطة كما يقول المثل المغربي بحال الكلخة هيب ما ضرب بها .
فقليل من رجال السلطة من يعرف ذلك لأن المغربي كما قال المغفور له جلالة الملك الحسن الثاني كالاسد اذا كنت تعرف كيف تسيره يمكن أن تقوده بسبيبة او خيط و اذا لم تعرف فإنه باستطاعته فك السلاسل لذلك ينبغي معرفة طبعه قبل تسييره.
و اذا كانت النار هي محك الذهب فإن الاحداث الجسيمة هي محك الرجال و النساء و المسؤولين في هذه اللحظات العصيبة ، و لا خوف على شعب فيه ملك من طينة جلالة الملك محمد السادس و وزراء من طينة الوزير اعمارة و مسؤولين من طينة القائدة حورية و مواطنين من طينة المغاربة انضباطا و تضامنا و وطنية و تكافلا و مقالات على صفحات التواصل الاجتماعي كلها شعور بالمسؤولية و إصلاح و تشجيع النيات الحسنة و محاولات من أجل القضاء على هذا الوباء بكل الوسائل المتاحة يضحي فيها الطبيب و رجل الأمن و رجل السلطة و الجيش و القاضي و المحامي و المواطن العادي و الفلاح و السائق بحياته من أجل الآخرين الوباء الذي حرم الآباء و الأمهات من عناق فلذات اكبادهم و حرم الأقارب من حضور حتى جنازات أحبابهم كما دونت إحدى الزميلات العزيزات الان و انا اكتب هذا المقال إرضاء لها .
أفرغ الله علينا جميعا صبرا و عزما و قدرة على تخطي هذه الظروف العصيبة و يبقى لنا الأمل في استرجاع حياتنا الطبيعية و لو بعد حين ان شاء الله .
حفظ الله وطننا و الإنسانية جميعا و حسبنا الله ونعم الوكيل.
يتبع
مذكرات نور الدين الرياحي
23 مارس 2020