حفل تقديم كتاب “المسألة الدستورية في المغرب تاريخا وتطبيقا”لأستاذ العلوم السياسية محمد مدني

الرباط / محمد العزعوزي.
قراءة للأستاذ “محمد الساسي” في كتاب “المسالة الدستورية في المغرب تاريخا وتطبيقا لمؤلفه الأستاذ “محمد مدني” أستاذ العلوم السياسية والقانون الدستوري بجامعة محمد الخامس بالرباط (الجزء الثالث)
جاء في حديث الأستاذ الساسي : “ماذا نستخلص أيضا بعد هذه المراجعات عبر هذه الرحلة الطويلة من النصوص و الإستفتاءات؟ هي أننا في المغرب نعيش إشكالا مزمنا ولم نخرج بعد منه ، فما هو هذا الإشكال ؟ هو أن نتوفر على دستور ، هل يكون دستورا عصريا أم نخلط بين العصرنة والتقليد ؟ وعندما أنشأ المجلس الدستوري، و في افتتاحه من خلال خطاب الملك محمد الخامس رحمه الل،ه قال بأنه نريد مؤسسات ديمقراطية، في إطار يحترم التوجهات الأساسية للإسلام، فظل هذا هو الإشكال كيف نربط الأصالة بالمعاصرة في خلطة واحدة؟ والملاحظة الثانية هي منحى الصعود والهبوط في الدساتير وبدون وجود تراكما ، فدستور 1970 فيه رجوع عن دستور 1962 ، ودستور 1972 فيه تقدما عن دستور 1970 ، ودستور 1992 فيه تقدما عن دستور 1972 ، ولكن دستور 1996 فيه تأخرا عن دستور 1992 ، بمعنى أن المنحنى ليس تراكميا ، إذن لدينا الإشكال المتعلق بكيف نوفق بين الحداثة والتقليد ، والإشكال الثاني هو أن المنحنى ليس تراكميا”
كما أشار في مداخلته : “لكن في الخلاصة يبقى دستور 2011 هو أحسن هذه الدساتير ، أقول هذا ويمكن أن تكون للأستاذة رقية المصدق كلمتها، إذ أنها تعتبر بأن دستور 2011 ربما فيه تراجعا مقارنة مع دستور 1992 ، هذه الحركة الدستورانية في المغرب ، لم تكن فقط هي حركة تتوجه للداخل فهي تتوجه إلى الخارج، لأن الصياغة التي صيغ بها الدستور، والتي قيل بأنها من إبداع “اكديرة” حول منع الحزب الوحيد وإلى غير ذلك، فهي إعلان خارجي بالإنتماء للعالم الحر ، دائما كنا نجد تفسيرا للتدخل الملكي التحكيمي، بأن ذلك التدخل الملكي التحكيمي يكون لصالح الملكية، ولكنه يقدم على أنه فيه رغبة للحد من هيمنة حزب من الإحزاب (الصفحة 112 من الكتاب) ، بمعنى أنه دائما قدم لنا الدستور كما لو أنه ضد الأحزاب ، كما أن الدستور يخدم الأحزاب، والأحزاب يمكن أن تهيمن ، لهذا فالدستور يجب أن يتضمن مقتضيات تسمح للملك بأن يحل هذا الإشكال ، أي كل ما منحنا حقوقا وحريات يمكن أن نجد أنفسنا أمام هيمنة الأحزاب ، فنحن عمليا نأخذ مسافة من الأحزاب ”
كما أردف قائلا : “أن الإشارة للدين الإسلامي في الدستور لا تخلق أي مشكل ، وقدم الأستاذ “مدني” عدة دساتير ديمقراطية ورد فيها اسم المسيحية بدون أن يؤثر ذلك، لأن المشكل ليس في استحضار الدين، لأن المهم أن بنيات الدستور يجب أن تخدم الديمقراطية، ففي هذه الرحلة وقبل أن نصل لدستور 2011 ، أريد أن أذكركم بما كتبه الأستاذ “مدني” عن نيكولا 2 ، حيث قال بأنه كان يعيش مشكلة وهي المشكلة التي يجب أن نعيشها، وهي يمكن أن ننجح في وضع دساتير لا تعرقل ولا تربك في شيء السلطات الأصلية القائمة قبل ولادة الدستور ، نريد أن يكون هناك دستورا ، بدون أن يوقف نمطا في الحكم كان قائما قبل الدستور.
وفي ذات التقديم قال الأستاذ : “ففي 2011 هل خرجنا من هذا المنطلق ، فمن الآن وبصورة تقريرية وربما متأسفا أقول لكم أن الأستاذ “مدني” يجيب بلا، أولا يتحدث عن دستور 2011 ، ويقول بأنه ليس منحة من أحد ، فإذا كان منحة فهو منحة من “حركة 20 فبراير”، ويعتبر بأنه قبل “حركة 20 فبراير” كان يتم الحديث عن الإصلاح المؤسساتي ، وأحيانا يتم ايراد عبارة الإصلاح العميق، ولكن فصل السلطات والبنيات الديمقراطية مستوى أعلى من هذا ، ويذكرنا أيضا بالنسبة للذين يعتبرون بأنه قبل دستور 2011 ، ربما كانت النية متجهة نحو الإتيان بدستور جديد، يذكرنا الكتاب بأن رد الملكية على “حركة 20 فبراير” أخذ منحيين ، فالمنحى الأول هو عندما أورد الملك خطابا أوليا، ففي 21 فبراير تحدث فيه عن رغم الحضور للديماغوجية، رفض الخضوع لها، ولكن في مارس 2011 ، جاء بخطاب آخر، بمعنى أن الخطاب تغير لم يكن هذا رد فعل مباشر، فكانت هناك مرحلة للتريث لأن المرحلة الأولى كان فيها استهجان ربما “حركة 20 فبراير” ، وفي المرحلة الأخرى استحسانها وتم تكوين لجنة غير سياسية مع لجنة المواكبة لتحضير الدستور الذي يعتبره الأستاذ “مدني” أنه جاء لأداء وظيفة سياسية محددة أي يعني بأنه دستورا تكتيكيا.
وزاد قائلا : “فدستور 2011 يتحدث الأستاذ “مدني” عن أهمية ما جاء في هذا الدستور ، فهناك العرض الواسع للحقوق والحريات، ولكنه يعتبر بأن الأبواب الأخرى من الدستور لا تكفل الضمانات الأساسية لتدبير هذه الحريات، ويتحدث عن دستور بدون ضمانات فعلية، لأنه جمع مطالب موجودة في المجتمع، ولكل فئة من الفئات سواء فئة النساء، والأمازيغ وغير ذلك، ولكل فئة حاول أن يضع لها لائحة طويلة للشعارات والحقوق والحريات. وبدون أن يكون وراء ذلك بناء يضمن فعلا تلك الحقوق والحريات، خاصة على مستوى فصل السلطات والسيادة الشعبية ، فيعتبر بأنه هناك أشياء مهمة وإنما تكتب كشعارات، ولكن ما يمنح باليد اليمنى يسحب باليد اليسرى (الصفحة 154 من الكتاب) ،
كما قال الأستاذ كذلك : “طبعا تحدث الكتاب عن تبعية مجلس الحكومة لمجلس الوزراء ، تحدث عن تعاظم دور الملك وصلاحياته ، تحدث عن الدور الغامض للمجلس العلمي الأعلى ، ويجب أن نذكر بأن فتوى قتل المرتد جاءت بعد دستور 2011 ، حيث نشرت وزارة الأوقاف مجموعة من الفتاوى سنة 2012 ، حيث لم ينتبه لها أحد في حينها ، تحدث عن كون الملك حكم بين المؤسسات ، ولكنه حكما بين مؤسسات يرأسها ، فكيف يكون الإنسان حكما لمؤسسات يرأسها ، طبعا هناك من يقول بأنها رئاسة رمزية فقط ، كما أدرج الأستاذ “مدني” الحكاية التي كان قد عبر فيها الحسن الثاني على أنه يجب أن يكون حكما، أي من الضروري أن يوجد في أية لعبة حكما ، ودستور 2011 فرض علينا الإلتزام دستوريا بضمان التوازن الماكروإقتصادي.
وذكر المتحدث كذلك بما يلي : “وتجلت من خلاله نوع من السهولة في إمكانية لجوء الملك لحالة الإستثناء ، والأستاذة “المصدق” تعتبر أن أخطر ما في دستور 2011 هو التعديل الدستوري البرلماني أي تعديل الدستور من طرف البرلمان ، بمبادرة من الملك ، وتعتبر أن الرجوع للوراء متعلقا بهذه المسألة التأسيسية . ويتحدث الكتاب عن مجلس الوزراء ويذكرنا بألا نتصور بأن القضايا الكبرى يحسم فيها في تلك الدقائق المعدودة التي ينعقد فيها مجلس الوزراء ويعتبر بان وراء تلك الدقائق المعدودة شبكة من الإتصالات والقرارات التي تهيأ على نار هادئة ، فيكون ذلك التجلي مجرد بروتوكولي ليس إلا” .