ثقافة وفنمقالات و آراء

بمراكش…أسواق تاريخية جميلة، متخصصة ومرتبة تسر كل من تسوق بها أو زارها

 

توضيب هند جوهري / هنا. 24

سوق القصابين،سوق الحصايرية،سوق الربايعية،الشكايرية،  السراجين، سوق البياضين
سوق الغاسو مايزيد عن خمسين سوقاً أغلبها اختفت معالمه أو في طريقه إلى ذلك،ضاربة في عمق التاريخ و الماضي الجميل،رغم الثقافة و التعليم المحدودين آنذاك،إلّا أن مؤسسي هذه الأسواق و القائمين عليها جعلوها في أرقى حلتها بتنظيم منقطع النظير،خصصوا لكل سوق دوره،فلا يمكن أن تجد البَيض بسوق الغاسول،لا يمكن أن تجد الحصيرة بسوق الجلد،و من سابع المستحيلات أن تشتري نحاساً من سوق الربيع..!

أسواق منظمة،بتجارها و حِرفييها و أُمنائها،لها توقيت مضبوط،السلع المغشوشة لا تعرف و جهة لهذه الأسواق،النية بين البائع و المشتري،و الضامن هو الله،و عند غلق جميع أبواب المُفاهمة يبقى “الأمين” هو القاضي و الحاكم، لا تسمع صراخاً و لا صياحاً،منافسة شريفة لا تخضع لتغيرات السوق العالمية و لا تخضع لقرارات البنك الدولي أو غيره،إن لم تشترِ،فعلى الأقل سوف “ اللي ماشرى يتنزه”..!
أغلب سكان المدينة الحمراء لا يعلمون شيئاً عن هذه الأسواق،فقد كادت تنقرض بعد أن رحل الحرفيون،لم تستطع سلعهم جذب أبنائهم و أحفادهم أمام الهجوم الكاسح للآلات المتطورة،و أمام صناعات أخرى تُذر أموالاً في وقت وجيز و بأقل جهد،تحولت أغلب محلات هذه الأسواق لِبازارات،فلم يبقَ منها سوى تلك اللافتات المعلقة على بعض جدرانها تُحيلك على اسم السوق و الذي لم يتبقّ منه سوى الاسم،و لكن،ما يحز أكثر في القلب،تحول العديد منها إلى أسواق عشوائية،شوهت أحياناً جمالية المكان و رونقه،و بعدما كانت هذه الأماكن في الماضي مكاناً للجَمال و “الفن”،أصبحت يملأها الصخب و الضجيج،لا صوت يعلو فوق صوت الباعة ،و عند مغرب كل يوم،و بعد رحيلهم،تبقى الأزبال  هنا و هناك، لنتسائل : لماذا كيف كان سابقونا أكثر تنظيماً منا؟! و حتى إن لم نُحافظ على هذه الأسواق،فلماذا لم نحافظ على جمالية المكان،و هذا أضعف الإيمان.

في سوق البياضة ما يزال هناك بائع وحيد للبيض على ما أذكر،كذلك ببعض الأسواق هناك حِرفيون ما يزالون مُحافظين على ماء وجه السوق،الجهات المعنية لا بد لها من مد يد العون لهؤلاء،إنهم امتداد جميل لتاريخ جميل،يُكافحون من أجل أن يبقى السوق بِمُسَمّاه، من أجل تلك اللافتة المُعلقة بباب السوق،هؤلاء من يجب الاهتمام بهم،على الأقل مساعدتهم في تسويق منتوجاتهم داخلياً و خارجيا،فهذا سيشجعهم على التمسك بحرفهم،على الأقل في الوقت الراهن…

مراكش،لا أحد ينكر أنها حققت إقلاعاً سياحياً كبيراً بفضل مجهودات العديد من المتدخلين،و لكن بالمُقابل،هناك أسواق لا بد من إعادة الحياة إليها،و هذا سيكون قيمة مضافة رائعة للمدينة،و المراكشي أصبح متعطشاً أكثر لمعرفة تاريخ مدينته،بعد أن لاحظ أن العديد يَقدمون من أقاصي المدينة لمعرفة تاريخها…

أعيدوا أسواق المدينة العتيقة،أعيدوا الماضي الجميل،أعيدوا إليها الحياة فإنها في حَضرة مدينة من بين أجمل مدن العالم…!
عن ( ذ / ت)

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
ر

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock